ثم قال الرب تبارك وتعالى: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [النحل:9]، بعد أن ذكر الله الطرائق الحسية التي يحمل الناس عليها أمتعتهم من البغال والخيل، ذكر الطرائق المعنوية، ولا طريق معنوياً أعظم من طريق يؤدي إلى الله.
فقال الرب: ((وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ)) وقصد السبيل أي: الطريق القويم المستقيم، والمعنى: على الله جل وعلا بيان الطريق المستقيم المؤدي إلى رضوانه، وهذا قد وقع -بلا ريب- بإنزال الكتب وإرسال الرسل، و (من) في قوله تعالى: (منها) بيانية، أي: من هذه الطرق جائر، أي: مائل عن الحق، كاليهودية والنصرانية والمجوسية وغير ذلك.