والحجر في اللغة يطلق على كل ممنوع، ويطلق الحجر أحياناً ويراد به الجزء المتبقي من الكعبة الذي لم يبن بمال قريش، وهو المسمى عند العامة اليوم بحجر إسماعيل، وسمي حجراً لأن الجدار الشامي الذي هو داخله لا يستطيع الطائف أن يلمسه، فالحجر يحول بينه وبين الجدار الشامي.
وهذا الحجر أصله أن العرب في جاهليتها لما هدم الكعبة السيل وأرادت أن تبنيها أرادت أن تبنيها من حر مالها، فضاقت بهم النفقة من طيب مالهم، فبقي هذا الجزء قاصراً على تلك الحال، حتى إن النبي عليه الصلاة والسلام قال لـ عائشة: (لولا أن قومك حديثوا عهد بكفر لهدمت الكعبة وبنيتها على قواعد إبراهيم وجعلت لها بابين).
ثم لما كانت خلافة عبد الله بن الزبير أعاد بناء الكعبة وأدخل الحجر هذا فيها، فلما تم الأمر للأمويين من بعده على يد الحجاج بن يوسف هدمت الكعبة وأخرج الحجر عن الكعبة على ما كان عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهي الهيئة التي يراه اليوم كل من يطوف بالبيت، فمن صلى داخل الحجر فكأنما صلى داخل الكعبة، ولا يجوز الطواف بين جدار الحجر وجدار الكعبة.
ويطلق الحجر كذلك على العقل؛ لأنه يحجر على صاحبه، ويمنعه من ارتكاب ما لا يليق، قال الله جل وعلا: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} [الفجر:1 - 5] أي: هل في ذلك قسم ونفع لذي عقل ولب يمتنع عما لا يليق به؟! فالحجر هنا بمعنى العقل.
ويطلق الحجر على الأمر الممنوع المحرم الذي لا يمكن أن يقع، ومنه قول الله جل وعلا عن الكفار: {وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا} [الفرقان:22] أي: أمراً ممنوعاً محرماً لا يمكن أن يقع.
وهذه الثلاثة المعاني كلها غير داخلة في السورة.