وقوله تعالى: (وَرَسُولِهِ) الواو هنا تحتمل احتمالين: الاحتمال الأول: أن تكون عاطفة، والاحتمال الذي عليه القراءة اليوم أن تكون استئنافية.
فإن كانت عاطفة فلها من حيث التصور احتمالان.
الاحتمال الأول -والاعتقاد به كفر- أن يقرأها القارئ: (وأذان من الله ورسوله يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله)، فتعطف الرسول على المشركين، فيصبح معنى الآية في غير القرآن أن الله متبرئ من المشركين ومتبرئ من رسوله، وقد سمع أعرابي رجلاً يلحن ولا يعرف قواعد اللغة، وعنده أعرابي قليل الفقه، فقرأ الرجل العامي: (أن اللهَ بريءٌ من المشركين ورسولِه)، فقال الأعرابي: برئت من رسول الله، برئت ممن برئ الله منه.
وهذا الأمر كان أحد أسباب قيام علم النحو؛ فإن أبا الأسود الدؤلي يقولون عنه: إنه لما سمع هذا الأعرابي ذهب إلى علي رضي الله عنه وأخبره الخبر، فقال له: انح للناس نحواً.
صنع علم النحو، وهذه لا يقولها مسلم إلا جهلاً، ولا يوجد مسلم يعتقدها أو يقولها.
الأمر الثاني: أن تكون (رسوله) معطوفة على لفظ الجلالة، فتقرأ بالنصب، فيصبح المعنى: أن الله ورسوله بريئان من المشركين.
والمعنى هنا يستقيم.
الحالة الثالثة: أن تقول: (أن الله بريء من المشركين) وتقف، وتأتي بالواو استئنافية لكلام جديد، والمعنى: ورسوله كذلك بريء من المشركين.
وهنا الواو تسمى واواً استئنافية، وحق الاسم هنا أن يرفع؛ لأن ما بعد الواو الاستنافية يعرب مبتدءاً.
قال تعالى: {فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ} [التوبة:3] والخطاب للمشركين، {وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة:3].