قال الله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ} [إبراهيم:38].
هذا من توسل الخليل، وغلاة الصوفية يقولون: إنه يجوز أن يلقي الإنسان نفسه في المهالك توكلاً على الله، ويحتجون بهذه الآية، وأن إبراهيم وضع زوجته وابنه في واد غير ذي زرع، ومضى عنهما.
والجواب عن ذلك أن هذا بأمر الله وليس بعقله، وإلا لو فعلها إنسان اليوم، وأخذ زوجته وابنه ووضعهما في واد وتركهما، وقال أصنع كما صنع إبراهيم، فلو ماتوا يعتبر كالقاتل لهما، لأن هاجر تبعت إبراهيم، وقالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، فقالت: إن الله لا يضيع أهله.
فهذا كان فيه أمر صريح وليس فيه شيء من القدوة.
إلى أن قال: {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [إبراهيم:38 - 39].
ورزق إبراهيم إسماعيل وإسحاق عليهما السلام على كبر، وقد بلغ من السن خمساً وتسعين سنة عند بعض العلماء، وبعضهم يقول: إنه قد شارف على المائة عليه الصلاة السلام.
وكان يضع أي يده عليهما ويقول (أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة).
فلما جاء الحسن والحسين لنبينا صلى الله عليه وسلم كان يضع يده الطاهرة الشريفة عليهما ويقول: (أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة، فإن أباكما كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق) يعني: إبراهيم.