قال الله تعالى: {وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [القمر:12] لما دعا نوح ربه أنزل الله الماء من السماء، ونكاية بقوم نوح أمر الله الأرض بأن تخرج ما فيها من ماء، فانفجرت الأرض أربعين يوماً تخرج عيونها، والسماء تمطر.
(فَالْتَقَى الْمَاءُ) أي: جنس الماء، أي: ماء السماء وماء الأرض.
قال تعالى: {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} [القمر:13].
قوله تعالى: (ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ) يحتمل عشرات المعاني، والمراد هنا السفينة؛ لأن الله قال في آية أخرى: {فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} [العنكبوت:15].
وأيسر شيء تفسر به القرآن أن تفسر القرآن بالقرآن، فلما قال الله تعالى: {فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} [العنكبوت:15] عرفنا أن ذات الألواح والدسر هي السفينة.
قال تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ} [القمر:14].
قوله تعالى: (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) أي: على مرأى منا ومنظر ورعاية.
وقوله: (جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ) ببناء لما لم يسم فاعله، والذي (كُفِرَ) هو نوح، والذين كفروا هم قومه، والذي كذب هو نوح، والذين كذبوا هم قوم نوح، فالله قال: (جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ) أي: جزاء للمكذوب وللمغلوب وللذي دعا، وهو نوح عليه الصلاة والسلام.
ثم يقول بعض المؤرخين: إنه لما هبطت به السفينة أراد أن يتأكد، فأرسل حمامة تخبره عن الحياة في الأرض، فذهبت الحمامة ورجعت ومعها غصن زيتون؛ لتثبت له أن الحياة كائنة في الأرض، فلذلك جعلت جميع الأمم اليوم من الحمامة وغصن الزيتون رمزاً للسلام، فهذا هو المعنى السياسي لما تراه اليوم من الغصن والزيتون، وسواء صح الخبر أو لم يصح فهذا أمر لا يتعلق به كفر ولا إيمان ولا جنة ولا نار.