قال تعالى: {وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [البقرة:253]، فالله جل وعلا رفع الأنبياء، وميّز بعضهم على بعض، فكلم موسى، وقال في إدريس: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم:57] وأعطى داود الزبور، وكان ندي الصوت به، وجعل نوحاً أول الرسل إلى الأرض، وجعل إبراهيم خليلاً، فكل واحد منهم صلوات الله وسلامه عليهم وهبه الله جل وعلا مزية أو فضيلة، مع الاتفاق على أن نبينا صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء جميعاً، بل أفضل الخلق كلهم جناً وإنساً صلوات الله وسلامه عليه.
ويتحرر من المسألة أن أفضل الأنبياء جملة أولو العزم قال الله تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف:35]، وأولو العزم من الرسل خمسة، وأكثر العلماء على أنهم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ونبينا صلى الله عليه وسلم، ورتبتهم بحسب ظهورهم، وهؤلاء قال الله جل وعلا عنهم: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [الأحزاب:7] فهذا نص على أنهم أولو العزم صلوات الله وسلامه عليهم، وهم أرفع الأنبياء مقاماً.
أهل السنة متفقون على أن الأنبياء جملة أفضل البشر، وأنه لا يوجد أحد من البشر، فـ أبو بكر فمن دونه لا يرقون أبداً إلى درجة أي نبي من الأنبياء، فالنبوة منزلة لا تعدلها منزلة ولا يعدلها شيء.
وذهب الشيعة الإمامية إلى أن أئمتهم أفضل من الأنبياء غير أولي العزم من الرسل على قول، وعلى قول آخر أنهم أفضل من أولي العزم إلا نبينا صلى الله عليه وسلم، وهذا قول نذكره من باب العلم، وإلا فهو قول باطل بلا شك، ولا يحتاج إلى دليل لنقضه؛ لأن النبوة مسألة ثابتة بالكتاب، وأما تلك الإمامة التي يزعمونها فلم تثبت بأي شيء من كتاب ولا من سنة.