يقول تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [النساء:163].
قوله: (إنا) هذا كلام رب العزة، والنون لتعظيم الرب جل جلاله، كما تسمع في الأوامر الملكية قول الملك: نحن فهد بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية، ثم يأتي الأمر، فـ (نحن) للجماعة، ولكنها تقال في السياق اللغوي للتعظيم، ويجوز إطلاقها على البشر، ويجوز إطلاقها على الله، ولكنها في حق الله -بلا شك- أعظم منها في حق البشر، كما يقال: فلان حكيم، والله جل وعلا حكيم، ولكن هناك فرق بين حكمة العباد وحكمة رب العباد جل جلاله، فإن اتفقا في المسمى فإنهما لا يتفقان في دقائق الوصف.
وقوله تعالى: (وأوحينا) أسند فيه الفعل (أوحى) إلى نا الدالة على الفاعلين لبيان العظمة لأهلها.
وقوله تعالى: {أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [النساء:163] المخاطب هنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، مع اليقين بأنه صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء، ولكنه قدم هنا لعلو شرفه، وجليل منزلته، ولأنه أفضل الأنبياء بلا شك، ولأنه سيد الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
والفائدة من هذا تتعلق بمن خطب أو ألقى محاضرة أو أراد أن يقول درساً، فإنه يقول: وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله آخر الأنبياء في الدنيا عصراً وأولهم يوم القيامة شأناً وذكراً.
فهو آخر الأنبياء في الدنيا عصراً من حيث الزمن، وفي الحديث: (أنا آخر النبيين وأنتم آخر الأمم) وهو أولهم يوم القيامة وأرفعهم شأناً وذكراً صلوات الله وسلامه عليه.
يقول تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [النساء:163]، ثم جاء بكاف التشبيه فقال تعالى: (كما) أي: كالذي (أوحينا).