ومن أسلوب القرآن أنه يجمع بين الترغيب والترهيب والوعد والوعيد، فبعد أن ذكر ربنا جل جلاله أهل النار قال جل وعلا: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:25]، هذه الآية فيها مبشِّر وفيها مبشَّر وفيها مبشر به، وفيها سبب للبشارة.
أما المبشِّر فهو النبي صلى الله عليه وسلم ومن يقوم مقامه بعده من أمته في الدعوة إلى الدين وأما المبشَّر فهم المؤمنون، وأما المبشر به فهو الجنات على ما وصفها الله جل وعلا به.
وأما أسباب البشارة فالإيمان والعمل الصالح، كما قال تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة:25].
فهذه الإشارة -يا أخي- تأخذ طرائق ومسالك من أعظمها: أن الإنسان إذا وفق في الدنيا -وهو حي- للخيرات فهذه أول البشارات بأن الله جل وعلا جعله أهلاً لأن يدخله الجنة.
وثاني البشارة تكون عند الموت عندما تأتي الملائكة تبشر المؤمنين بما سيصيرون إليه، وأما تحقيق البشارة فيكون بعد الموت.