قال تعالى: {ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ} [النساء:153] (اتخذ) تنصب مفعولين، ذكر الله واحداً منهما، ولم يذكر الآخر؛ لدلالة المعنى عليه، حيث قال تعالى: {ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ} [النساء:153]، ويظهر من السياق أنهم اتخذوا العجل إلهاً، فـ (إلهاً) هي المفعول الثاني الذي لم يذكره الله، وهذا هو سبب نقمة الله عليهم، وإلا لو أنهم اتخذوا العجل كدابة يركبونها أو ينحرونها ليأكلوها أو لشيء آخر لكان هذا أمراً مشروعاً.
وقد اتخذوا العجل في الفترة التي ذهب فيها موسى عليه الصلاة والسلام ليكلم ربه، وجعل عليهم أخاه هارون، ففي تلك الفترة لما أبطأ عليهم موسى -لأن الله واعده ثلاثين ليلة ثم جعلها الله أربعين- ملوا، فصنع لهم السامري عجلاً من ذهب، وجعل له منفذين يدخل منهما الهواء، فجعلت الريح إذا دخلت من القبل وخرجت من الدبر تحدث صوتا، فخدعهم بقوله: {هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى} [طه:88] كما أخبر الله.
فهذان من جملة ما نقم الله عليهم، فالأول: أنهم سألوا موسى أن يروا الله جهرة، والثاني: أنهم اتخذوا العجل إلها من بعدما جاءتهم البينات.