يقول تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران:97] وكلمة ((النَّاسِ)) عامة، ثم جاء التخصيص {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران:97]، فمن لم يستطع الوصول إلى البيت سقط عنه فريضة الحج.
والله جل وعلا لم يحدد كيفية الاستطاعة، وهذا من بلاغة القرآن، لأنه لا يمكن عقلاً تحديد الاستطاعة بشيء واحد في كل الأزمنة، ومن قال من العلماء رحمهم الله: إن الاستطاعة الزاد والراحلة، فقوله قول مرجوح، ولا يمكن أن يكون صحيحاً؛ لأنه قد يقع عارض أشد من الأول.
ومثال ذلك: لو أن المرض المعروف بـ (سارز) -كفانا الله وإياكم شره- انتشر في أمة مسلمة في بلاد ما حتى أهلكهم، ثم رغب أناس من هذه الأمة في أن يحجوا إلى البيت، وكانوا يملكون الزاد والرواحل، فهل من الحكمة أن يؤذن لهم في الحج؟
صلى الله عليه وسلم لا؛ لأنه قد يأتي منهم من يحمل المرض فيفتك بالحجاج كلهم، فلذلك من الحكمة منعه، والحج يعتبر ساقطاً عنه، وهو معذور شرعاً؛ لأنه لا يستطيع الوصول إلى البيت، فهذا المنع لا علاقة له بالزاد ولا بالراحلة، فتبقى جملة {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران:97] واسعة، فكل من يستطيع الوصول إلى البيت يجب عليه الحج، ومن لم يستطع فقد أعذره الله جل وعلا في كتابه.
وقوله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران:97] أي: طريقاً.