وقال الذهبي: "غمزه ابن حبان، فقال: يروي عن الأوزاعي المناكير الكثيرة"1.

وعلى كلٍّ، فلا ريب في فضل النخلةِ وشرفِها وتميّزها، ويكفيها فضيلةً أنَّها خُصّت من بين سائر الشجر بأن جُعلت مثلاً للمؤمن، وفي النصوص المتقدّمة ما يدلّ على أنواع من الفضائل والميزات للنخلة؛ كثبات الأصل وارتفاع الفرع، وإيتائها أكلها كلّ حين، ووصفها بالبركة، وأنَّها لا يؤخذ منها شيء إلا نفع، ونحو ذلك مما يدل على فضل النخلة وتميّزها.

ثمّ ها هنا أمرٌ مهمّ، وهو أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم عندما شَبَّه المؤمن بالنخلة، لا شك أنَّ ثَمّ هناك أوجهاً عديدةً في الشبه بين المؤمن المطيع لله الذي قامت في قلبه كلمةُ الإيمان وانغرست في صدره وأخذت تُثمر الثمارَ اليانعة والخيرَ المتنوّع وبين النخلة.

ولا ريب أنَّ الوقوفَ على أوجه الشبَّه بينهما والحرص على معرفة ذلك والفقه فيه أمرٌ جديرٌ بالاهتمام والعناية؛ لعظم فائدته وكثرة منافعه، والله تعالى قد أرشد في كتابه إلى فهم هذا عندما مثّل المؤمن بها وذكر بعض أوجهِ الشبَّه بينهما حيث قال: {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} .

هذه أربعة وجوه في الشبه بينهما، ومن يتأمّل في الممثَّل والممثَّل به يجد بينهما من أوجه الشبّه الشيء الكثير، ومن يطالع كلامَ أهل العلم في هذا الباب يقف من ذلك على لطائفَ جمّة وفوائد مهمّة. ولعَلِّي فيما يلي أستعرض جملةً من أوجه الشبه بينهما من خلال ما وقفت عليه من كلام أهل العلم في ذلك في كتب التفسير وشروحات الحديث وغيرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015