وقد أفرد أبو حاتم السجستاني - رحمه الله - كتاباً خاصاً بالنخل، بيّن فيه فضله وخصائصه وأسماءه، وذكر أبحاثاً عديدةً مفيدةً متعلّقةً به، قال في أوله:
"النخلة سيّدة الشجر، مخلوقة من طين آدم صلوات الله عليه، وقد ضربها الله جلّ وعزّ مثلاً لقول "لا إله إلا الله" فقال تبارك وتعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً} وهي قول: "لا إله إلا الله"، {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} وهي النخلة.
فكما أنَّ قول “لا إله إلا الله" سيّد الكلام، كذلك النخلة سيّدة الشجر"1.
ثم أخذ يفصّل القول في الكلام على هذه الشجرة الكريمة الفاضلة، واستشهد لقوله إنَّها مخلوقة من طين آدم عليه السلام بما ساقه بسنده من طريق مسرور بن مسعود التميمي قال: حدّثني الأوزاعي، عن عروة بن رُويم، عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكرِموا عمَّتكم النخلة، فإنها خُلقت مِنَ الطين الذي خُلق منه آدم، وليس شيء يُلقح غيرها، وأطعِموا نساءكم الوُلَّد الرُّطَب فالتمر، وليس شيء من الشجر أكرم على الله جلّ وعزّ من شجرة نزلت تحتها مريم ابنة عمران".
إلا أنَّ إسناد هذا الحديث واهٍ، فلا يصلح للاحتجاج، تفرّد به مسرور بن مسعود وهو متّهم.
قال ابن الجوزي: "لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن عدي: مسرور غير معروف وهو منكر الحديث، وقال ابن حبان: يروي عن الأوزاعي المناكير التي لا يجوز الاحتجاج بما يرويها"2.