{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة من الآية: 255] .
فعقولنا، حسبها أن تؤمن بأن الله منَزه عن كل نقص، وأنه موصوف بكل كمال، له وجه، وله يد، وله عرش استوى عليه، كما أثبت لنفسه -جل جلاله- لكنها لا تستطيع إِدراك حقيقة وجهه، أو يده، أو عرشه، أو كيفية استوائه على هذا العرش، وليس من حقها أن تسأل عن كيفية ذلك كله؛ لأن هذه أسئلة تدخل في مجال لم يهيأ العقل له. فالمعنى معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة وهلاك محقق.
وفي القرون الأولى -ولا سيما في عصر الصحابة، والتابعين- كان أمر العقيدة مسلما به، مقدرا حق قدره، وكان الصحابة والتابعون يؤمنون بكل ما جاء في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ مما وصف الله به نفسه، ومما دعا رسوله إِلى الإِيمان به، ولم يقفوا وقفات جدلية مركبة، تخالف الفطرة، وتقود إِلى الضلال.
وهكذا؛ فإِن الدعوة إِلى التوحيد الصافي، الذي مثل القضية الرئيسة والمحورية لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، كانت دعوة إِلى المنهج الإِسلامي القائم على القرآن، والسنة، وعقيدة السلف الصالح، الذين كانت سيرتهم، وحياتهم خير تطبيق للقرآن والسنة، وكانوا بعيدين عن التكلف، والتأويل الباطل، والإِسقاطات الفلسفية، والآثار العقدية الوثنية.