مُوسَى: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ [186] إِنِّي رَأَيْتُ آنِفًا فِي الْمَسْجِدِ أَمْرًا أَنْكَرْتُهُ.
قَالَ: فَمَا رَأَيْتَ؟ فَإِنْ عِشْتَ فَسَتَرَى. قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ حَلَقًا جُلُوسًا فِي كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُلٌ وَفِي يَدِهِ حَصًى يَقُولُ: سَبِّحُوا مِائَةً، فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً، فَيَقُولُ: هَلِّلُوا مِائَةً فَيُهَلِّلُونَ مِائَةً. فَيَقُولُ: كَبِّرُوا مِائَةً، فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً. قَالَ:
فَمَا قُلْتَ لَهُمْ؟ قَالَ: مَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئًا انْتِظَارَ رَأْيِكَ. قَالَ: أَفَلا أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لا تَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ شَيْءٌ؟ قَالَ: فَمَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَلْقَةٍ مِنْ تِلْكَ الْحَلَقِ. قَالَ: فَمَاذَا فِي أَيْدِيكُمْ؟
قَالُوا: حَصًى نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ. قَالَ: تَخَافُونَ أَنْ لا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ؟ عُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ وَأَنَا ضَامِنٌ لِحَسَنَاتِكُمْ أَنْ لا يَضِيعَ مِنْهَا شَيْءٌ. وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ، هَؤُلاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَافِرُونَ، وَهَذِهِ آنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ وَثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَ مُفْتَتِحُونَ بَابَ ضَلالَةٍ؟ قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا أَرَدْنَا إِلا الْخَيْرَ. قَالَ: كَمْ مَنْ يُرِيدُ الْخَيْرَ لا يُصِيبُهُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمْيَةِ (قَالَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ: فَرَأَيْنَا عَامَّةَ أَهْلِ تِلْكَ الْحَلَقِ يُطَاعِنُونَنَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الخوارج) . (قال اسلم: توفي أبو الشعثاء في آخر سنة ست وثلاثين ومائتين) .
[187]
حدثنا أسلم، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عن داود بن أبي هند عن رباح بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: «أَقْبَلْتُ لَيْلَةً وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بفناء حفصة فأقبلت من ورائه، فسمع قعقعة الإزار، فقال: ارْفَعْ إِزَارَكَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّهُ مُرْتَفِعٌ. قَالَ: ارْفَعْ إِزَارَكَ فَإِنَّ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .