عِنْده من ترافد قُرَيْش، كَانَ يَشْتَرِي بِمَا يجْتَمع عِنْده دَقِيقًا وَيَأْخُذ من كل ذَبِيحَة من بَدَنَة وبقرة أَو شَاة فَخذهَا فَيجمع ذَلِك كُله ثمَّ يخرد بِهِ الدَّقِيق ويطعمه الْحَاج، فَلم يزل على ذَلِك من أمره حَتَّى أصَاب النَّاس فِي سنة جَدب شَدِيد، فَخرج هَاشم بن عبد منَاف إِلَى الشَّام فَاشْترى بِمَا اجْتمع عِنْده من مَاله دَقِيقًا وكعكاً فَقدم بِهِ مَكَّة فِي الْمَوْسِم فهشم ذَلِك الكعك وَنحر الْجَزُور وطبخها وَجعله ثريداً وَأطْعم النَّاس، وَكَانُوا فِي مجاعَة شَدِيدَة حَتَّى أشبعهم، فَسُمي بذلك هاشماً وَكَانَ اسْمه عمرا، فَلم يزل هَاشم على ذَلِك حَتَّى توفّي، فَكَانَ عبد الْمطلب يفعل ذَلِك فَلَمَّا توفّي عبد الْمطلب قَامَ بذلك أَبُو طَالب فِي كل موسم حَتَّى جَاءَ الْإِسْلَام وَهُوَ على ذَلِك، وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أرسل بِمَال يعْمل بِهِ الطَّعَام مَعَ أبي بكر رَضِي الله عَنهُ حِين حج أَبُو بكر بِالنَّاسِ سنة تسع ثمَّ عمل فِي حجَّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع ثمَّ أَقَامَهُ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فِي خِلَافَته ثمَّ عمر فِي خِلَافَته ثمَّ الْخُلَفَاء، وهلم جرا. قَالَ الْأَزْرَقِيّ: وَهُوَ طَعَام الْمَوْسِم الَّذِي يطعمهُ الْخُلَفَاء الْيَوْم فِي أَيَّام النَّحْر بمنى حَتَّى تَنْقَضِي أَيَّام الْمَوْسِم، وَكَانَ مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ اشْترى دَارا بِمَكَّة وسماها دَار المراحل وَجعل فِيهَا قدوراً وَكَانَت الْجَزُور وَالْغنم تذبح وتطبخ فِيهَا وَتطعم الْحَاج أَيَّام الْمَوْسِم ثمَّ يفعل ذَلِك فِي شهر رَمَضَان. وَكَانَت الْجَزُور وَالْغنم تذبح وتطبخ فِيهَا وَتطعم الْحَاج أَيَّام الْمَوْسِم، ثمَّ يفعل ذَلِك فِي شهر رَمَضَان. ويروى أَن أول من أطْعم الْحَاج " الفالوزج " بِمَكَّة عبد الله بن جدعَان. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وَفد عبد الله بن جدعَان على كسْرَى فَأكل عِنْده الفالوزج فَسَأَلَ عَنهُ فَقَالُوا: لباب الْبر يلت مَعَ الْعَسَل. فَقَالَ: أبيعوني غُلَاما يصنعه. فَأتوهُ بِغُلَام فابتعاه فَقدم بِهِ مَكَّة فَأمره فصنعه للْحَاج، وَوضع الموائد من الأبطح إِلَى بَاب الْمَسْجِد ثمَّ نَادَى مناديه أَلا من أَرَادَ " الفالوزج " فليحضر فَحَضَرَ النَّاس، وَأَنه مَا زَالَ