وَعَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لما فتح الْكَعْبَة أَخذ من بني شيبَة مِفْتَاح الْكَعْبَة حَتَّى أشفقوا أَن يَنْزعهُ مِنْهُم ثمَّ قَالَ: " يَا بني شيبَة هاكم الْمِفْتَاح وكلوا بِالْمَعْرُوفِ ". رَوَاهُ سعيد بن مَنْصُور. وَقَالَ الْعلمَاء: إِن هَذِه ولَايَة من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا يجوز لأحد أَن يَنْزِعهَا مِنْهُم. قَالَ الْمُحب الطَّبَرِيّ: لَا يبعد أَن يُقَال هَذَا إِذا حَافظُوا على حرمته ولازموا الْأَدَب فِي خدمته، أما إِذا لم يحفظوا حرمته فَلَا يبعد أَن يَجْعَل عَلَيْهِم وَمَعَهُمْ مشرف يمنعهُم من هتك حرمته، قَالَ: وَرُبمَا تعلق الْجَاهِل المعكوس الْفَهم بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " كلوا بِالْمَعْرُوفِ " فاستباح أَخذ الْأُجْرَة على دُخُول الْبَيْت، وَلَا خلاف بَين الْأمة فِي تَحْرِيم ذَلِك وَأَنه من أشنع الْبدع وأقبح الْفَوَاحِش، قَالَ: وَهَذِه اللَّفْظَة وَإِن صحت فيستدل بهَا على إِقَامَة الْحُرْمَة؛ لِأَن أَخذ الْأُجْرَة لَيْسَ من الْمَعْرُوف وَإِنَّمَا الْإِشَارَة وَالله أعلم إِلَى أَن مَا يتَصَدَّق بِهِ من الْبر والصلة على وَجه التبرر فَلهم أَخذه وَذَلِكَ أكل بِالْمَعْرُوفِ لَا محَالة، وَإِلَى مَا يأخذونه من بَيت المَال على مَا يتولونه من خدمته وَالْقِيَام بمصالحه فَلَا يحل لَهُم إِلَّا قدر مَا يستحقونه. وَالله أعلم. وَأما اللِّوَاء: فَكَانَ فِي أَيدي بني عبد الدَّار كلهم يَلِيهِ مِنْهُم ذَوا السن والشرف فِي الْجَاهِلِيَّة، حَتَّى كَانَ يَوْم أحد فَقتل عَلَيْهِ من قتل مِنْهُم. وَأما الرفادة: فَخرج كَانَت قُرَيْش تخرجه من أموالها فِي كل موسم فتدفعه إِلَى قصي يصنع بِهِ طَعَاما للْحَاج يَأْكُلهُ من لم يكن مَعَه سَعَة وَلَا زَاد، وَكَانَ قصي ينْحَر على كل طَرِيق من طرق مَكَّة جزوراً وينحر بِمَكَّة جزراً كَثِيرَة وَيطْعم النَّاس، وَكَانَ يحمل راجل الْحَاج ويكسو عاريهم، فَلَمَّا هلك قصي أقيم أمره فِي قومه بعد وَفَاته على مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي حَيَاته وَلم تزل لعبد منَاف بن قصي يقوم بهَا حَتَّى توفّي فولي بعده هَاشم بن عبد منَاف فَكَانَ يطعم النَّاس فِي كل موسم مِمَّا يجْتَمع