واستغفر لَهُم، ثمَّ أَمر بسد الْأَبْوَاب فِي الْمَسْجِد إِلَّا بَاب أبي بكر. قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: اضْطجع فِي حجري فَدخل عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر فِي يَده سواك أَخْضَر، قَالَت: فَنظر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَده نظرا عرفت أَنه يُريدهُ، قَالَت: فَقلت: يَا رَسُول الله أَتُحِبُّ أَن أُعْطِيك هَذَا السِّوَاك؟ قَالَ: نعم، قَالَت: فَأَخَذته فمضغته لَهُ حَتَّى لينته ثمَّ أَعْطيته إِيَّاه، قَالَت: فاستن بِهِ كأشد مَا رَأَيْته اسْتنَّ بسواك قطّ ثمَّ وَضعه، وَوجدت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يثقل فِي حجري فَذَهَبت أنظر فِي وَجهه فَإِذا بَصَره قد شخص، وَهُوَ يَقُول: بل الرفيق الْأَعْلَى فِي الْجنَّة، فَقلت: خيّرت فاخترت وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ. وروى ابْن أبي مليكَة قَالَ: لما كَانَ يَوْم الِاثْنَيْنِ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عاصباً رَأسه إِلَى صَلَاة الصُّبْح، وَأَبُو بكر يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَلَمَّا خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تفرج النَّاس، فَعرف أَبُو بكر أَن النَّاس لم يصنعوا ذَلِك إِلَّا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنكص عَن مُصَلَّاهُ، فَدفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ظَهره وَقَالَ: صلّ بِالنَّاسِ، وَجلسَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جنبه فصلى قَاعِدا عَن يَمِين أبي بكر، فَلَمَّا فرغ من صلَاته أقبل على النَّاس رَافعا صَوته حَتَّى خرج صَوته من بَاب الْمَسْجِد يَقُول: " يَا أَيهَا النَّاس سعرت النَّار وَأَقْبَلت الْفِتَن كَقطع اللَّيْل المظلم، إِنِّي وَالله مَا تمسكون عَليّ بِشَيْء، إِنِّي لم أحل إِلَّا مَا أحل الْقُرْآن، وَلم أحرم إِلَّا مَا حرم الْقُرْآن ". فَلَمَّا فرغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَلَامه، قَالَ لَهُ أَبُو بكر: يَا نَبِي الله أَرَاك قد أَصبَحت بِنِعْمَة الله وفضله كَمَا تحب، وَالْيَوْم يَوْم ابْنة خَارِجَة، أفآتيها؟ قَالَ: نعم، ثمَّ دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَخرج أَبُو بكر إِلَى أَهله بالسنح، وَخرج عَليّ رَضِي الله عَنهُ من عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ الْمُسلمُونَ: يَا أَبَا الْحسن كَيفَ أصبح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: أصبح بِحَمْد الله بارئاً، قَالَ: فَأخذ الْعَبَّاس بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ: يَا عَليّ أَنْت وَالله عبد الْعَصَا بعد ثَلَاث، أَحْلف بِاللَّه لقد عرفت الْمَوْت فِي وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا كنت أعرفهُ فِي وُجُوه بني عبد الْمطلب، فَانْطَلق بِنَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن كَانَ هَذَا الْأَمر فِينَا عَرفْنَاهُ، وَإِن كَانَ فِي غَيرنَا أمرناه فأوصى بِنَا النَّاس، فَقَالَ: وَالله لَا أفعل، وَالله لَئِن منعناه لَا يؤتينا بعده أحد، فَتوفي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين اشْتَدَّ الضُّحَى من ذَلِك الْيَوْم. قيل: إِن الصَّلَاة الني صلاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ جَالس عَن يَمِين أبي بكر صَلَاة