المَاء من خَلفه، فَجرى فِي الْوَادي الْمَذْكُور سنة كَامِلَة سيلاً يمْلَأ مَا بَين جَانِبي الْوَادي، ثمَّ سنة أُخْرَى دون ذَلِك، ثمَّ انخرق فِي الْعشْر الأول بعد السبعمائة فَجرى سنة أَو أَزِيد، ثمَّ انخرق فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بعد تَوَاتر أمطار عَظِيمَة، وَعلا المَاء من جَانِبي السد من دونه مِمَّا يَلِي جبل أَو غَيره، فجَاء السَّيْل طام لَا يُوصف، وَمَجْرَاهُ على مشْهد حَمْزَة رَضِي الله عَنهُ وحفروا وَاديا آخر قبلي الْوَادي ومشهد حَمْزَة وقبلي جبل عنين، وَبَقِي المشهد وجبل عنين فِي وسط السَّيْل أَرْبَعَة أشهر، وَلَو زَاد المَاء مِقْدَار ذِرَاع وصل إِلَى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة. قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى: وَكُنَّا نقف خَارج بَاب البقيع على التل الَّذِي هُنَاكَ فنراه ونسمع خريره، ثمَّ اسْتَقر فِي الْوَادي بَين القبلي الَّذِي أحدثته النَّار والشمالي قَرِيبا من سنة، وكشف عَن عين قديمَة قبل الْوَادي، فجددها الْأَمِير ودي بن جماز أَمِير الْمَدِينَة الشَّرِيفَة فِي ولَايَته. انْتهى. رَجعْنَا إِلَى الْمَقْصُود قَالَ الشَّيْخ جمال الدّين: وَلما ابتدأوا بالعمارة قصدُوا إِزَالَة مَا وَقع من السقوف على الْقُبُور المقدسة فَلم يجسروا، وَرَأَوا من الرَّأْي أَن يطالعوا الإِمَام المستعصم فِي ذَلِك، وَكَتَبُوا لَهُ فَلم يصل إِلَيْهِم حول، وَحصل للخليفة الْمَذْكُور شغل باستيلاء التتار على بِلَادهمْ تِلْكَ السّنة، فتركوا الرَّدْم وأعادوا سقفاً فَوْقه على رُؤُوس السَّوَارِي الَّتِي حول الْحُجْرَة الشَّرِيفَة، فَإِن الْحَائِط الَّذِي بناه عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ حول بَيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين هَذِه السَّوَارِي الَّتِي حول بَيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يبلغ بِهِ السّقف الْأَعْلَى، بل جعلُوا فَوق الحوائط وَبَين السَّوَارِي إِلَى السّقف شباكاً من خشب يظْهر لمن تَأمله من تَحت الْكسْوَة على دوران الْحَائِط جَمِيعه؛ لِأَنَّهُ أُعِيد بعد الاحتراق على مَا كَانَ عَلَيْهِ قبل ذَلِك، وسقفوا فِي هَذِه السّنة وَهِي سنة خمس وَخمسين الْحُجْرَة الشَّرِيفَة وَمَا حولهَا إِلَى الْحَائِط الشَّرْقِي إِلَى بَاب جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَمن جِهَة الغرب الرَّوْضَة الشَّرِيفَة جَمِيعهَا إِلَى الْمِنْبَر المنيف، ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة فَكَانَ فِي الْمحرم وَمِنْهَا وَاقعَة بَغْدَاد وَقتل الْخَلِيفَة الْمَذْكُور، ووصلت الْآلَة من مصر، وَكَانَ المتولى لَهَا تِلْكَ السّنة الْملك الْمَنْصُور عَليّ بن الْملك الْعَزِيز بن أَبِيك الصَّالِحِي، فَأرْسل الآلت والأخشاب فعملوا إِلَى بَاب السَّلَام، ثمَّ عزل صَاحب مصر الْمَذْكُور، وَتَوَلَّى مَكَانَهُ مَمْلُوك أَبِيه الْملك المظفر سيف الدّين قطز المعزي، واسْمه الْحَقِيقِيّ مُحَمَّد بن مَمْدُود، وَأمه أُخْت السُّلْطَان جلال الدّين خوارزم شاه، وَأَبوهُ ابْن عَمه، وَقع عَلَيْهِ السَّبي عِنْد غَلَبَة التتار فَبيع بِدِمَشْق ثمَّ انْتقل بِالْبيعِ إِلَى مصر وتملك فِي سنة ثَمَان وَخمسين وسِتمِائَة، وَفِي شهر رَمَضَان من السّنة