قناديل الْمَسْجِد، وَسمع لسقف الْمَسْجِد صرير، وتمت الزلازل إِلَى يَوْم الْجُمُعَة ضحى ثمَّ انبجست الأَرْض بِنَار عَظِيمَة فِي وَاد يُقَال لَهُ: أخيلين بَينه وَبَين الْمَدِينَة نصف يَوْم، ثمَّ انبجست من رَأسه فِي الْحرَّة الشرقية من وَرَاء قُرَيْظَة على طَرِيق الشوارقية بالمقاعد، ثمَّ ظهر لَهَا دُخان عَظِيم فِي السَّمَاء ينْعَقد حَتَّى يبْقى كالسحاب الْأَبْيَض، وللنار ألسن محمرة صاعدة فِي الْهَوَاء، وَبَقِي النَّاس فِي مثل ضور الْقَمَر، وَصَارَت النَّار قدر الْمَدِينَة الْعَظِيمَة، وَمَا ظَهرت إِلَّا لَيْلَة السبت، وَكَانَ اشتعالها أَكثر من ثَلَاث منائر وَهِي ترمي بشرر كالقصر، وشررها صَخْر كالجمال، وسال من هَذِه النَّار وَاد يكون مِقْدَاره خَمْسَة فراسخ، وَعرضه أَرْبَعَة أَمْيَال، وعمقه قامة وَنصف، وَهُوَ يجْرِي على وَجه الأَرْض، وَيخرج مِنْهُ أمهاد وحبال يسير على وَجه الأَرْض، وَهُوَ صَخْر يذوب حَتَّى يصير كالآنك، فَإِذا جمد صَار أسود وَقبل الجمود لَونه أَحْمَر، وسال مِنْهَا وَاد من نَار حَتَّى حَاذَى جبل أحد، وسالت من أخيلين نَار تنحدر مَعَ الْوَادي إِلَى الشظاة، وَالْحِجَارَة تسير مَعهَا حَتَّى عَادَتْ تقَارب حرَّة العريض، ثمَّ وَقعت أَيَّامًا تخرج من النَّار ألسن ترمي بحجارة خلفهَا وأمامها حَتَّى نبت لَهَا جبل، وَلها كل يَوْم صَوت من آخر النَّهَار ورؤي ضوء هَذِه النَّار من مَكَّة وَمن الينبع، وَلَا يرى الشَّمْس وَالْقَمَر من يَوْم ظُهُور النَّار إِلَّا كاسفين. قَالَ ابْن أبي شامة: ظهر عندنَا بِدِمَشْق أثر الْكُسُوف من ضعف نور الشَّمْس على الْحِيطَان، وكلنَا حيارى من ذَلِك مَا هُوَ حَتَّى أَتَى خبر النَّار. قَالَ المطري: سَارَتْ النَّار من مخرجها الأول إِلَى جِهَة الشمَال ثَلَاثَة أشهر تدب كدبيب النَّمْل، تَأْكُل كلما دبت عَلَيْهِ من جبل أَو حجر وَلَا تَأْكُل الشّجر، فتثير كل مَا مرت عَلَيْهِ فَيصير سداً لَا مَسْلَك فِيهِ لإِنْسَان إِلَى مُنْتَهى الْحرَّة من جِهَة الشمَال، فَقطعت فِي وسط وَادي الشظاة إِلَى جبل وَغَيره، فَسدتْ الْوَادي الْمَذْكُور بسد عَظِيم بِالْحجرِ المسبوك بالنَّار، وَلَا كسد ذِي القرنين، لَا يصفه إِلَّا من رَآهُ طولا وعرضاً وارتفاعاً وَانْقطع وَادي الشظاة بِسَبَبِهِ، وَصَارَ السَّيْل منحبس خلف السد وَهُوَ وَاد عَظِيم، فيجتمع خَلفه الْمِيَاه حَتَّى يصير بحراً كنيل مصر عِنْد زِيَادَته قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى: شاهدته كَذَلِك فِي شهر رَجَب من سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة، قَالَ: وَأَخْبرنِي علم الدّين سحر المغربي، من عُتَقَاء الْأَمِير عز الدّين منيف بن شيحة بن الْقَاسِم بن مهنا الْحُسَيْنِي أَمِير الْمَدِينَة، قَالَ: أَرْسلنِي مولَايَ الْأَمِير الْمَذْكُور بعد ظُهُور النَّار بأيام وَمَعِي شخص من الْعَرَب يُسمى خطيب بن منان وَقَالَ لنا: اقربا من هَذِه النَّار وانظرا هَل يقدر أحد على الْقرب مِنْهَا؟ فخرجنا إِلَى أَن قربنا مِنْهَا فَلم نجد لَهَا حرا، فَنزلت عَن فرسي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015