وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وسِتمِائَة، وَكَانَ احتراق الْمَسْجِد لَيْلَة الْجُمُعَة أول رَمَضَان سنة أَربع وَخمسين وسِتمِائَة كَمَا سَيَأْتِي. قَالَ الشَّيْخ جمال الدّين: ثمَّ إِن الْملك المظفر عمل منبراً وأرسله فِي سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة، وَنصب فِي مَوضِع مِنْبَر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رمانتاه من الصندل، وَلم يزل إِلَى سنة سِتّ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة عشر سِنِين يخْطب عَلَيْهِ، ثمَّ إِن الْملك الظَّاهِر أرسل هَذَا الْمِنْبَر الْمَوْجُود الْيَوْم فَحمل مِنْبَر صَاحب الْيمن إِلَى حَاصِل الْحرم وَهُوَ بَاقٍ فِيهِ وَنصب هَذَا مَكَانَهُ، وَطوله أَرْبَعَة أَذْرع، وَمن رَأسه إِلَى عتبته سَبْعَة أَذْرع يزِيد قَلِيلا، وَعدد درجاته سبع بالمقعد، وَالْمَنْقُول أَن مَا بَين الْمِنْبَر ومصلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ إِلَى أَن توفّي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعَة عشر ذِرَاعا. وَأما الرَّوْضَة الشَّرِيفَة فَتقدم فِي بَاب الْفَضَائِل قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا بَين قَبْرِي ومنبري رَوْضَة من رياض الْجنَّة ". وَتقدم معنى الحَدِيث. وَفِي حَدِيث آخر: " مَا بَين حُجْرَتي ومنبري رَوْضَة من رياض الْجنَّة ". وَفِي رِوَايَة: " مَا بَين بَيْتِي ومنبري ". قَالَ القَاضِي عِيَاض: قَالَ الطَّبَرِيّ: فِيهِ مَعْنيانِ؛ أَحدهمَا: أَن المُرَاد بِالْبَيْتِ بَيت سكناهُ على الظَّاهِر مَعَ أَنه روى مَا يُبينهُ " مَا بَين حُجْرَتي ومنبري ". وَالثَّانِي: أَن الْبَيْت هَاهُنَا الْقَبْر، وَهُوَ قَول زيد بن أسلم فِي هَذَا الحَدِيث، كَمَا روى " مَا بَين قَبْرِي ومنبري " قَالَ الطَّبَرِيّ: وَإِذا كَانَ قَبره فِي بَيته اتّفقت مَعَاني الرِّوَايَات وَلم يكن بَينهَا خلاف؛ لِأَن قَبره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجرته وَهُوَ بَيته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015