عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَ طول عوج ثَلَاثَة وَعشْرين ألف ذِرَاع وثلاثمائة وَثَلَاثِينَ ذِرَاعا وثلثي ذِرَاع بِذِرَاع الْملك، وعاش ثَلَاثَة آلَاف سنة، وَأخذ إِحْدَى بَنَات آدم لصلبه، وَهِي أول من تغنى على وَجه الأَرْض فَهَلَكت، كَانَ كل إِصْبَع من أصابعها ثَلَاثَة أَذْرع فِي ذراعين، ولدت حَوَّاء على أَثَرهَا قابيل ثمَّ هابيل. قَالَ ابْن قُتَيْبَة فِي " تَأْوِيل مُخْتَلف الحَدِيث ": وَمن الْعجب أَن عوجا كَانَ فِي زمن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَله هَذَا الطول، وَفرْعَوْن ضِدّه فِي الْقصر على مَا ذكره الْحسن قَالَ: مَا كَانَ طول فِرْعَوْن إِلَّا ذِرَاعا وَكَانَت الْحَيَّة ذِرَاعا. وَقيل: كَانَ طوله ذراعين، وَكَانَ لفرعون مُوسَى من فسطاط مصر إِلَى أَرض الْحَبَشَة جبال، فِيهَا معادن الذَّهَب وَالْفِضَّة والزبرجد والياقوت، طمس الله عَلَيْهَا فَصَارَت حِجَارَة؛ لقَوْل مُوسَى: " رَبنَا اطْمِسْ على أَمْوَالهم ". وَفرْعَوْن أول من خضب بِالسَّوَادِ.
ذكر سُكْنى الْيَهُود الْحجاز بعد العماليق
اعْلَم أَن مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لما أهلك فِرْعَوْن وطئ الشَّام وَأهْلك من بهَا، وَبعث بعثاً من الْيَهُود إِلَى الْحجاز وَأمرهمْ أَن لَا يستبقوا من العماليق أحدا بلغ الْحل، فقدموا فَقَتَلُوهُمْ وَقتلُوا ملكهم وَكَانَ يُقَال لَهُ: الأرقم بن أبي الأرقم، واستجبوا ابْنا لَهُ شَابًّا وَقدمُوا بِهِ فَقبض مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قبل قدومهم، فتلقتهم بَنو إِسْرَائِيل فوجدوا الْغُلَام مَعَهم، فَقَالُوا لَهُم: إِن هَذِه لمعصية مِنْكُم لما خالفتكم من أَمر نَبِيكُم، وَالله لَا تدْخلُوا علينا بِلَادنَا وحالوا بَينهم وَبَين الشَّام فَرَجَعُوا فسكنوا الْحجاز، وَكَانَت الْحجاز إِذْ ذَاك أشجر بِلَاد الله وأطهرها، قَالُوا: وَكَانَ هَذَا أول سُكْنى الْيَهُود الْحجاز بعد العماليق، وَكَانَ جَمِيعهم بزهرة بَين الْحرَّة والسافلة مِمَّا يَلِي القف، وَكَانَت لَهُم الْأَمْوَال بالسافلة، وَنزل جُمْهُور بمَكَان يُقَال لَهُ يثرب بمجتمع السُّيُول سيل بطحان والعقيق وسيل قناة مِمَّا يَلِي زغابة، وَخرجت قُرَيْظَة وإخوتهم بَنو هذل وهم بَنو الْخَزْرَج وَالنضير بن النحام ابْن الْخَزْرَج وَقيل: قُرَيْظَة وَالنضير أَخَوان وهما بَنو أَبنَاء الْخَزْرَج بن الصَّرِيخ فَخَرجُوا بعد هَؤُلَاءِ فتتبعوا آثَارهم فنزلوا بِالْعَالِيَةِ على واديين يُقَال لَهما: مذينب ومهرور، فَنزلت بَنو النَّضِير على مذينب وَاتَّخذُوا عَلَيْهِ الْأَمْوَال، وَنزلت قُرَيْظَة وهذل على مهرور وَاتَّخذُوا عَلَيْهِ الْأَمْوَال، وَكَانُوا أول من احتفر بهَا البنار واغترس الْأَمْوَال وابتنى الْآطَام والنازل، فَكَانَ جَمِيع مَا ابتنى الْيَهُود بِالْمَدِينَةِ من الْآطَام تسعا وَخمسين أطماً، والآطام: الْحُصُون وَاحِدهَا