وَقلت فِي " تَخْلِيص الزبدة فِي تخميس الْبردَة " عِنْد قَوْله: وَمَا حوى الْغَار من خير وَمن كرم. . الأبيات: فَهُوَ الَّذِي رِيقه يشفي من السقم ... بتفله حلت الْآبَار فِي الطّعْم فاعجب لتغريد كالدر مُنْتَظم ... وَمَا حوى الْغَار من جود وَمن كرم وكل طرف من الْكفَّار عَنهُ عمى ... لما رَأَوْا غَار ثَوْر كلهم عميا ... وَصَارَ بدر الدجى باللطف مختفيا وَقَالَ يَا صَاح لَا تحزن فَلَنْ يريَا ... فالصدق فِي الْغَار وَالصديق لم يريَا وهم يَقُولُونَ مَا بِالْغَارِ من أَدَم ... باض الْحمام بِهِ والعشب قد لمندلا ... وَالْعَنْكَبُوت أجادت نسجها حللا وشجرة الرَّاء رمت فِي قلبهم عللا ... ظنُّوا الْحمام وظنوا العنكبوت على خير الْبَريَّة لم تنسج وَلم يحم ... فكم أسود بِنَار الْحَرْب عارفة ... وَفِي مثاقفة بل فِي مسابقة وَفِي الدروع مَعَ التجفاف خائفة ... وقاية الله أغنت عَن مضاعفة من الدروع وَعَن عَال من الأطم ... قَالَ الْمرْجَانِي فِي " بهجة النُّفُوس ": وَذكر بعض الحمالين أَنه عرف رجلا كَانَ لَهُ جمَاعَة بَنِينَ وأموال كَثِيرَة وَأَنه أُصِيب فِي ذَلِك كُله فَلم يحزن على شَيْء من ذَلِك لقُوَّة صبره، قَالَ: فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ: إِنَّه روى أَن من دخل غَار ثَوْر الَّذِي آوى إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ وَسَأَلَ الله تَعَالَى أَن يذهب عَنهُ الْحزن لم يحزن على شَيْء من مصائب الدُّنْيَا وَقد فعلت ذَلِك فَمَا ترى مِنْهُ. قَالَ الْمرْجَانِي: والخاصة فِي ذَلِك من قَوْله تَعَالَى: " ثَانِي اثْنَيْنِ إِذْ هما فِي الْغَار إِذْ يَقُول لصَاحبه لَا تحزن إِن الله مَعنا ". قَالَ: وَرَأَيْت بِهَذَا الْجَبَل حَيَوَانا يُسمى الْحُلْقُوم لَهُ ألف كرَاع فِي مِائَتي رجل، ورأيته أَيْضا بِأَرْض الطَّائِف ونخله بالقدس من أَرض فلسطين. انْتهى. وَالنَّاس يدْخلُونَ غَار جبل ثَوْر من بَابه الضّيق وَمن بَابه المتسع وَبَعض النَّاس يتَجَنَّب دُخُوله من بَابه الضّيق وَيَقُولُونَ: من لم يدْخل مِنْهُ لَيْسَ لِأَبِيهِ. وَقد وسع الْبَاب الضّيق فِي زَمَاننَا لِأَن بعض النَّاس انحبس فِيهِ لما ولج فَلم يقدر أَن يخرج وَلَا يدْخل وَمكث على ذَلِك قَرِيبا من لَيْلَة فراح عَلَيْهِ المجاورون ووسعوا لَهُ وَقَطعُوا عَنهُ الْحجر