الكلدانيّون أمّة قديمة الرئاسة نبيهة الملوك وكان منهم النماردة الجبابرة الذين كان أولهم نمرود بن كوش من بني حام باني المجدل. وكان من ولد نمرود بختنصّر الذي غزا بني إسرائيل وقتل منهم خلقا كثيرا وسبى بقيتهم وغزا مصر وافتتحها ودوّخ كثيرا من البلاد.
ولم يزل ملك الكلدانيين ببابل الى ان ظهر عليهم الفرس وغلبوهم على مملكتهم وابادوا كثيرا منهم. فدرست اخبارهم وطمست آثارهم. وكانت من الكلدانيين حكماء متوسعون في فنون المعارف من المهن التعليميّة والعلوم الرياضيّة والالهيّة وكانت لهم عناية بأرصاد الكواكب وتحقيق بعلم اسرار الفلك ومعرفة مشهورة بطبائع النجوم وأحكامها. وهم نهجوا لأهل الشقّ الغربي من معمور الأرض الطريق الى تدبير الهياكل لاستجلاب قوى الكواكب واظهار طبائعها وطرح شعاعاتها عليها بأنواع القرابين الموافقة لها وضروب التدابير المخصوصة بها. فظهرت منهم الأفاعيل الغريبة والنتائج الشريفة من إنشاء الطلسمات وما أشبهها. ولم يصل إلينا من مذاهب الكلدانيين في حركات النجوم ولا من ارصادهم غير الارصاد التي نقلها عنهم بطليموس القلوذي في كتاب المجسطي. فانه اضطرّ إليها في تصحيح حركات الكواكب المتحيّرة إذ لم يجد لأصحابه اليونانيين ارصادا يثق بها.
ملك قبل إحراقه هيكل الرب واخرابه أورشليم تسع عشرة سنة وبعده أربعا وعشرين سنة. واسمه بالسريانية نبوخذنصر اعني عطارد ينطق [1] .