ثلثين ألفا ولعظم البلد لا يظهر أمرهم فتواضعوا هم والفرنج الذين بظاهر البلد ووثبوا فيه وألقوا النار فاحترق نحو ربع البلد. فاشتغل الروم بذلك ففتح الفرنج الأبواب ودخلوها ووضعوا السيف ثلثة ايام وقتلوا حتى الاساقفة والرهبان والقسيسين الذين خرجوا إليهم من كنيسة اييّا سوفيّا العظمى وبأيديهم الأناجيل والصلبان يتوسّلون بها ليبقوا عليهم.
فلم يلتفتوا إليهم وقتلوهم أجمعين ونهبوا الكنيسة. وكان الفرنج ثلثة ملوك ذوقس البنادقة وفي مراكبة ركبوا الى القسطنطينية وهو شيخ أعمى إذا ركب يقاد فرسه. والثاني المركيس مقدم الافرنسيس. والثالث كندافلند [1] وهو أكثرهم عددا. فلما استولوا اقترعوا على الملك فخرجت القرعة على كندافلند فملّكوه عليها وتكون لذوقس البنادقة الجزائر مثل اقريطش ورودس وغيرهما ويكون لمركيس البلاد التي هي شرقي الخليج مثل نيقية ولاذيق وفيلادلف ولم تدم له فإنها تغلّب عليها بطريق من بطارقة الروم اسمه لشكري [2] .
وفيها في ذي القعدة توفّي السلطان ركن الدين صاحب الروم [3] وملك ابنه قلج ارسلان وكان صغيرا. وكان غياث الدين كيخسرو أخو ركن الدين يومئذ بقلعة من قلاع القسطنطينية ولما سمع بموت أخيه سار الى قونية وقبض على الصبيّ وملكها وجمع الله له البلاد جميعها وعظم شأنه وقوي امره وكان ذلك في رجب سنة احدى وستمائة.
وفيها أغارت الكرج على اذربيجان وأكثروا النهب والسبي ثم أغاروا على خلاط وارجيش فأوغلوا في البلاد حتى بلغوا ملازكرد ولم يخرج إليهم من المسلمين احد يمنعهم فجاسوا خلال البلاد ينهبون ويأسرون. وفي سنة ثلث وستمائة قبض عسكر خلاط على صاحبها محمد بن بكتمر وملكها بلبان مملوك شاه ارمن بن سكمان. وفي سنة اربع وستمائة ملك الملك الأوحد نجم الدين أيوب بن الملك العادل مدينة خلاط. ولما سار عنها الى ملازكرد ليقرّر قواعدها وثب أهلها على من بها من العسكر فأخرجوه من عندهم وعصوا ونادوا بشعار شاه ارمن وان كان ميتا يعنون بذلك ردّ الملك الى أصحابه ومماليكه. فعاد إليهم الأوحد وقتل بها خلقا كثيرا من اعيان أهلها فذلّ اهل خلاط وتفرّقت كلمة الفتيان وكان