وقربه إليه وادناه وكان له مع جلسائه مباسطة مع الحشمة والترفع عن الهذيان والمجون وكان غالب اقامته بقصوره التي عمرها خارج مصر وهو القصر الكبير بمصر القديمة تجاه المقياس بشاطئ النيل والقصر الآخر الكائن بالقرب من زاوية الدمرداش والقصر الذي بجانب قنطرة المغربي على الخليج الناصري وكان إذا خرج من داره لبعض تلك القصور لا يمر من وسط المدينة وإذا رجع كذلك فسئل عن سبب ذلك فقال: استحي أن أمر من وسط الأسواق وأهل الحوانيت والمارة ينظرون الي وافرجهم على نفسي.
وللمترجم أخبار وسير ووقائع لو سطرت لكانت سيرة مستقلة خصوصا وقائعه وسياحته ثلاث سنوات وثلاثة اشهر أيام أقام الفرنساوية بالقطر المصري ورحلته بعد ذلك إلى بلاد الانكليز وغيابه بها سنة وشهورا وقد تهذبت اخلاقه بما اطلع عليه من عمارة بلادهم وحسن سياسة احكامهم وكثرة أموالهم ورفاهيتهم وصنائعهم وعدلهم في رعيتهم مع كفرهم بحيث لا يوجد فيهم فقير ولا مسجد ولا ذو فاقة ولا محتاج وقد اهدوا له هدايا وجواهر وآلات فلكية وأشكال هندسية واسطرلابات وكرات ونظارات وفيها ما إذا نظر الإنسان فيها في الظلمة يرى أعيان الأشكال كما يراها في النور ومنها لخصوص النظر في الكواكب فيرى بها الإنسان الكوكب الصغير عظيم الجرم وحوله عدة كواكب لا تدرك بالبصر الحديد ومن أنواع الأسلحة الحربية أشياء كثيرة واهدوا له آلة موسيقى تشبه الصندوق بداخله أشكال تدور بحركات فيظهر منها اصوات مطربة على ايقاع الانغام وضروب الالحان وبها نشانات وعلامات لتبديل الانغام بحسب ما يشتهى السامع إلى غير ذلك نهب ذلك جميعه العسكر الذين ارسلهم إليه البرديسي ليقتلوه وطفقوا يبيعونه في أسواق البلدة واغلبه تكسر وتلف وتبدد.
واخبرني بعض من خرج لملاقاته عند منوف العليا أنه لما طلع إليها وقابله سليمان بك البواب اخلى له الحمام في تلك الليلة وكان قد بلغه كافة افعاله بالمنوفية من العسف والتكاليف وكذا باقي اخوانه وافعالهم بالاقاليم فكان