الخط النبطي وتطوره إلى الخط العربي

سلف التنويه بمجموعة رئيسية ثانية من الخطوط القديمة في شبه الجزيرة العربية رجعت أصولها إلى الكتابة الآرامية ثم سلكت وجهات إقليمية أو شعوبية، وتمايز منها الخط النبطي والخط التدمري فضلًا عن الخط السرياني ... إلخ. ويعنينا الآن منها الخط النبطي بخاصة لوثيق صلته بالخط العربي ووثيق صلة أصحابه بالعرب.

تعلم كتبة الأنباط الخط الأرامي من موضعين، من إمارة إدوم بعد أن استقروا في أرضها وتغلبوا على حكمها في نواحي هضبة إدوم وجبل سعير شرقي العقبة وجنوب شرقي الأردن، ثم من دويلة دمشق الآرامية الأصل التى اتصلوا بها عن طريق التجارة واستفادوا من حضارتها وحاولوا أن يحتلوها أكثر من مرة. وحين تعلم الأنباط الخط الآرامي تعلموه كيفما اتفق وفي غير دقة كبيرة، فرسموا حروفه في أشكال مختصرة وكتبوا بها لغتهم المحلية وكانت لغة عربية فى مجملها ولكنها عربية ذات رطانة آرامية لاسيما فى مناطق استقرارهم الشمالية.

وكان الآراميون ومن أخذوا بخطهم قد كتبوا حروفهم من قبل مفردة، وكلماتهم متعاقبة دون فواصل بينها. فلما انفرد الأنباط بخطهم كان خير مازادوه فيه تجديدان، وهما محاولة وصل حروف الكلمة الواحدة بعضها ببعض، أو على الأقل محاولة وصل الحرفين المتجاورين مع بعضهما. ثم محاولة الفصل بين كل كلمة والكلمة التى تليها في سطرها الأفقي بطريقة ما. وأدى هذان التجديدان إلى زيادة الفوارق بين الخط النبطي وبين أصوله الآرامية القديمة.

وبدأ كتبة الأنباط خطوة وصل الحروف بالوصل بين حرفي الباء والراء في كلمة بر بمعنى بن نظرًا لكثرة استخدامها في ذكر نسب الشخص إلى أبيه. واتخذوا الوصل بين هذين الحرفين نموذجًا لكلمات ثنائية أخرى تبدأ بحرف الباء (مثل به)، وذلك منذ القرن الأول قبل الميلاد على أقل تقدير. ثم طبقوا هذا الربط على أغلب الكلمات الثنائية الأخرى (مثل يد، من، نه، إلخ). وبعض الكلمات الثلاثية التي يكثر استعمالها في كتابة النصوص مثل كلمة ملك، وفعل عبد بمعنى صنع، وذلك منذ القرن الأول الميلادي. وعملوا بعد ذلك على تطبيق هذه الطريقة على كثير من كلماتهم الأخرى خلال القرنين الثاني والثالث بعد الميلاد، مع استثناء حروف معينة تركوها مفردة (مثل الألف والواو).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015