...
خطوط الكتابات القديمة في شبه الجزيرة العربية
ترجع خطوط الكتابات القديمة التى سبقت الخط العربي المألوف في شبه الجزيرة العربية، إلى مجموعتين كبيرتين: مجموعة شاعت فيها كتابة المسند، وهي كتابة استخدمتها الدول العربية الجنوبية المتحضرة القديمة، سبأ وقتبان ومعين وحضرموت وأوسان. ثم شاركتها فيها بعض الإمارات والجماعات الشمالية والغربية في شبه الجزيرة العربية وما يتصل بها من جنوب الشام، بعد أن حور كتبتها في أشكال حروفها بما يتفق مع مدى إتقانهم لها وربما بما يناسب مخارج ألفاظهم، تعديلات عفوية أحيانًا وتعديلات مقصودة أحيانًا أخرى. وهكذا خرجوا منها بخطوط إقليمية امتاز منها الخط اللحياني والخط الثمودي والخط الصفوي. ويرى بعض اللغويين أن هذه الخطوط الإقليمية يمكن التمييز فيها أيضًا بين عدة خطوط فرعية محلية اختلفت فيما بينها باختلافات طفيفة.
ثم مجموعة ثانية من الخطوط اعتمدت أساسًا على قواعد الكتابة الآرامية وكتب بها فريق آخر من الدول والإمارات العربية الشمالية والغربية، بعد أن حور كتبتها فيها هم الآخرون تحويرًا قليلًا أو كثيرًا. وأهم هذه الدول هي إدوم والأنباط وتدمر، مع احتمال وجود خطوط أخرى فرعية في داخلها. وأخيرًا اشتق كتبة الحجاز الخط العربي الصريح من الخط النبطي في الأجيال القليلة التى سبقت ظهور الإسلام لا سيما في مكة ويثرب.
وعثر على بعض نصوص هذه الكتابات الشمالية منها والجنوبية منقوشة على سطوح حجرية كبيرة وصغيرة مثل جدران المعابد ومداخل المدن والحصون وسفوح الجبال وقواعد التماثيل وسطوح النصب وكسر الحجر الصغيرة. وعثر عليها منقوشة كذلك على سطوح معدنية كالصحاف وقواعد التماثيل الصغيرة وقطع العملة وما إليها. وربما كانت منقوشة على الأخشاب أيضًا. ولكن ندر حتى الآن ما يحتمل معه أن العرب القدماء كتبوا عليه من ألواح الصلصال التي كتب عليها كتبة الهلال الخصيب، والجلود والرق والعظام وحقاف النخيل التى كتب العرب عليها في صدر الإسلام، أو صحائف البردي التى صنعها وكتب عليها المصريون القدماء ثم تعلم استخدامها منهم بعض الآراميين. ولو أنه ليس من المستبعد أن العرب القدماء في الشمال وفي الجنوب كتبوا على بعض هذه المواد، ولكنها بليت بمرور الزمن نظرًا لطبيعتها الهشة وفعل الأرضة والحشرات فيها.