تاريخ دنيسر (صفحة 165)

وَلَهُ فِي النَّظْمِ وَالنَّثْرِ، وَالتَّرْتِيبِ وَالإِنْشَاءِ تصرُّفٌ؛

أَنْشَدَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ ابن الأَسْعَدِ لِنَفْسِهِ إِمْلاءً بِدُنَيْسَرَ مَوْعِظَةً:

وَاخَجْلَتِي يَوْمَ الْحِسَابِ وَقَوْلُهُ ... مَا كُنْتَ تَصْنعُ وَالزَّمَانُ مُوَسَّعُ

أَوَلَمْ نُعَمِّرْكَ الطَّوِيلَ وَنَسْتُرِ السِّتْرَ ... الْجَمِيلَ، أَلَمْ يَكُنْ لَكَ مَرْجِعُ

أَوَلَمْ يَكُنْ لَكَ فِي الْقُرُونِ مِنَ الأُولَى ... عبرٌ، أَمَا فِي ذِكْرِهِمْ مَا يُقْنِعُ

أَوَلَمْ يَكُنْ لَكَ أعينٌ فَتَرَى بِهَا ... أَوَلَمْ يَكُنْ لَكَ لِلْمَوَاعِظِ مَسْمَعُ

مَاذَا أَقُولُ وَلِي ذنوبٌ نَكَّسَتْ ... رَأْسِي حَيَاءً فَهْوَ لا يَتَرَفَّعُ

وَاحْسَرَتَا لَوْ كَانَ يُغْنِي حسرةٌ ... وَاوَيْلَتَا لَوْ أَنَّ وَيْلا يَنْفَعُ

ضَيَّعْتُ أَيَّامِي لِغَيْرِ إِفَادَةٍ ... تُرْجَى فَقَلْبِي بِالْهُمُومِ مُرَوَّعُ

وَجَوَانِحِي مِنْ حَرِّ شَوْقِي فِي لَظَى ... وجدٍ بِهِ تُحْنَى عَلَيْهِ الأَضْلُعُ

مَالِي سِوَى الظَّنِّ الْجَمِيلِ وسيلةٌ ... فَهْوَ الْجَوَادُ وَجُودُهُ لا يُمْنَعُ

وَأَنْشَدَنِي [أَبُو] الْمُفَضَّلِ إملاءً لنفسه، متغزلاً:

يُخْفِي الْهَوَى وَدُمُوعُهُ تُبْدِيهِ ... صَبٌّ صَبَابَةُ وَجْدِهِ تُصْبِيهِ

وَتُمِيتُهُ أَشْوَاقُهُ فَإِذَا بَدَا ... مِنْ نَحْوِ رَامَةَ بارقٌ يُحْيِيهِ

وَإِذَا النَّسِيمُ سَرَى إِلَيْهِ بِنَشْرِكُمْ ... نَشَرَ الَّذِي مِنْ حُبِّكُمْ يَطْوِيهِ

فَتَرُدُّهُ زَفَرَاتُهُ مِنْ حَرِّهَا ... عَنْهُ، وَبَاعِثُ شَوْقِهِ يُدْنِيهِ

يُغْرِيهِ عَاذِلُهُ وَأَيْنَ سُلُوَّهُ ... مِنْهُ وَطَوْعُ غَرَامِهِ نَاهِيهِ

فَهْوَ السَّلِيمُ بِوَجْدِهِ فَلِذَا إِذَا ... هَبَّ النَّسِيمُ كأَنَّهُ رَاقِيهِ

رَقَّ الْعَذُولُ لِحَالِهِ مِنْ سُقْمِهِ ... وَبَكَى وَحَسْبُكَ عاذلٌ يَبْكِيهِ

آسٍ إِذَا نَسَمَ النَّسِيمُ مِنَ الْحِمَى ... هَيْهَاتَ عَزَّ مِنَ الأَسَى آسِيهِ

وَمُهَفْهَفٍ عَبَثَ الصِّبَا بِقَوَامِهِ ... مَا فِيهِ مِنْ عيبٍ لِمُسْتَجْلِيهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015