يقول السمعاني الذي التقاه Y دخل نيسابور قبلي بشهر سمعت منه معجمه والمجالسة للدينوري وقد شرع في تصنيف تاريخه تاريخ دمشق
ثم قفل راجعا إلى بغداد ومنها إلى دمشق وكان ذلك سنة (533) ثلاث وثلاثين وخمسمائة
وها هو ذا قد بلغ قمة العلم وتبوأ مرتبة الحفاظ والمحدثين يقول Y متى أروي ما سمعت؟ لكنه لا يجرؤ على ذلك قبل أن يأذن له شيوخه فقال له جده يحيى بن علي القرشي Y اجلس إلى سارية من هذه السواري حتى نجلس إليك أما أعيان شيوخه ورؤساء البلد فكلهم قالوا له Y من أحق بهذا منك؟ قال الحافظ Y فجلست في ذلك منذ ثلاث وثلاثين وخمسمائة
وهنا تبدأ حقبة جديدة يمن حياة الحافظ تمتد أربعين عاما ينصرف فيها إلى الجمع والتصنيف والرواية والتأليف والمطالعة والتسميع ويشتهر أمره ويطير ذكره في الافاق فيرحل إليه الطلبة كما رحل هو من قبل إلى شيوخه وتنتهي إليه الرئاسة في الحفظ والاتقان والمعرفة التامة بالحديث متونا وأسانيد ويصبح إمام الحديث في عصره وفارسا في ميدانه
ثم كان دخول نور الدين زنكي إلى دمشق عام (549) وهو قائد الجهاد ضد الصليبيين
وهذه الحقبة من التاريخ نشط فيها العلم والجهاد في آن ورقي خبر ابن عساكر إلى نور الدين يقول الحافظ في خطبة كتابه Y ورقي خبر جمعي له (أي لتاريخ دمشق) إلى الملك العادل
وبلغني تشوقه إلى استنجازه والاستتمام فراجعت العمل به راجيا الظفر بالتمام
وقد بنى له نور الدين دارا لتعليم الحديث سميت فيما بعد دار الحديث النورية وهي أول مدرسة أنشئت في الاسلام لتعليم الحديث وتولى التدريس فيها الحافظ ابن عساكر نفسه وابنه ثم بنو عساكر من بعدهما وكان نور الدين يحضر حلقات تدريس له فيها كما كان السلطان صلاح الدين يحضر مجلسه ودروسه أيضا
وقد تخرج من المدرسة النورية هذه وأخذ عن شيوخها كبار العلماء والمؤرخين والمحدثين في القرنين السادس والسابع للهجرة كابن الاثير الجزري والمقدسي والمزي وابن كثير والنووي والذهبي والحسيني وابن تيمية وابن قيم الجوزية وغيرهم
وللحافظ مؤلفات كثيرة في الحديث ومؤلفات وفيرة في الفضائل فضائل الاشخاص