قال الزبير: وحدّثني هشام بن إبراهيم قال:
لمّا حصر الحجاج ابن الزبير، وأخذ عليه بجوانب مكة أرسل إلى أصحاب مسالحه جميعا يوصيهم بالاحتفاظ من ابن الزبير لا يهرب، وبلغ ذلك ابن الزبير فقال: يحسبني مثله الفرار بن الفرار «1» !.
قدم الشام حاجا، فسكن بانياس مدة، وكان خطيبا بها، ثم انتقل إلى دمشق واستوطنها، ودرّس بها مذهب مالك، وحدّث بالموطّأ، وبكتاب التلخيص لأبي الحسن القابسي. علقت عنه أحاديث يسيرة.
كان شيخا حسن المفاكهة «2» حلو المحاضرة، شديد التعصّب لمذهب أهل السنّة، كريم النفس، مطّرحا للتكلف، قويّ القلب.
سمعت أبا تراب بن قيس بن حسين البعلبكّي يذكر:
أنه كان يعتقد اعتقاد الحشوية «3» ، وأنّه كان شديد البغض ليوسف الفندلاوي لما كان يعتمده من الردّ عليهم، والتنقّص لهم، وأنه خرج إلى الحجاز، وأسر في الطريق، وألقي في جبّ، وألقي عليه صخرة، وبقي كذلك مدة يلقى إليه ما يأكل، وأنه أحسّ ليلة بحسّ، فقال:
من أنت؟ فقال: ناولني يدك، فناوله يده، فأخرجه من الجبّ، فلما طلع إذا هو الفندلاوي، فقال: تب مما كنت عليه، فتاب، وصار من جملة المحبين له.