الأمان قصد حضرته فقال له: أنت القائل هذه الأبيات؟ قال: نعم. قال: أنشدنيها. فلما أنشده:
ولم أر قبل جذعك قطّ جذعا تمكّن من عناق المكرمات
قام الصاحب فعانقه وقبل فاه، وأنفذه إلى حضرة عضد الدولة. فلما مثل بين يديه قال له: ما الذي حملك على مرثية عدوّي؟ فقال: حقوق سلفت وأياد مضت، فجاش الحزن في قلبي فرثيت، فقال: هل يحضرك شيء في الشموع؟ - والشموع تزهر بين يديه- فأنشأ يقول «1» :
كأنّ الشموع وقد أظهرت من النّار في كلّ رأس سنانا
أصابع أعدائك الخائفين تضرّع تطلب منك الأمانا
فلما أنشده هذين البيتين خلع عليه، وحمله على فرس وأعطاه بدرة «2» .
وكان جعفر هذا أديبا فاضلا، وصدرا كاملا، رثاه القاصّ أبو الحسن بن هندي بقصيدة غراء عدّتها ثلاثة وتسعون بيتا منها:
يا من كأنّ الدهر يعشق ذكره فلسانه من وصفه لا يفتر
بأبي ثراك وما تضمنه الثّرى كلّ يموت وليس كلّ يذكر
وزير الرشيد هارون، ولاه هارون دمشق وقدمها سنة ثمانين ومئة.
حدث عن أبيه يحيى بسنده إلى زيد بن ثابت كاتب الوحي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إذا كتبت بسم الله الرحمن الرحيم فبين السّين فيه»
[14161] .