هاتان الرحلتان إلى بلاد العجم وخراسان ومراكزها العلمية الكبيرة وإلى العراق وبلاد الحجاز سمحتا له بلقاء كبار الشيوخ وأعيان العلماء والفقهاء والمحدثين حيث سعى في التحصيل عليهم والافادة منهم فحفظ وكتب الكثير وقد التقى بأكثر من ألف وثلاثمائة شيخ ومن النساء بضع وثمانين امرأة (?)
يقول الذهبي في سير الاعلام (?) : وعدد شيوخه في معجمه ألف وثلاثمائة شيخ بالسماع وستة وأربعون شيخا أنشدوه وعن مئتين وتسعين شيخا بالاجازة الكل في معجمه وبضع وثمانون امرأة لهن معجم صغير سمعناه
عودته إلى دمشق: مرحلة جديدة: كان ابن أربع وثلاثين سنة لما عاد إلى دمشق وقرر الاستقرار فيها وذلك بعد أن حقق قدرا عاليا من بناء شخصيته العلمية والفقهية وبعد أن ذاع صيته وانتشرت أخباره وتناقل العلماء أخبار فطنته وسعة حفظه وإتقانه وتردد اسمه في مختلف الافاق
قال أبو المواهب (?) : لم أر مثله ولا من اجتمع فيه ما اجتمع فيه من لزوم طريقة واحدة مدة أربعين سنة من لزوم الصلوات في الصف الاول إلا من عذر والاعتكاف في شهر رمضان وعشر ذي الحجة وعدم التطلع إلى تحصيل الاملاك وبناء الدور قد أسقط ذلك عن نفسه وأعرض عن طلب المناصب من الامامة والخطابة وأباها بعد أن عرضت عليه وأخذ نفسه بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم
قال لي: لما عزمت على التحديث والله المطلع أني ما حملني على ذلك حب الرياسة والتقدم بل قلت: متى أروي كل ما سمعت؟ وأي فائدة من كوني أخلفه صحائف؟ فاستخرت الله واستأذنت أعيان شيوخي ورؤساء البلد وطفت عليهم فكلهم قالوا: من أحق بهذا منك؟ فشرعت منذ ثلاث وثلاثين وخمسمئة