ذكره بحيث انهدمت حماة وقلعتها وسائر دورها ومنازلها على أهلها من الشيوخ والشبان والأطفال والنسوان وهم العدد الكثير والجم الغفير بحيث لم يسلم منهم إلا القليل اليسير. وأما شيزر فإن ربضها سلم إلا ما كان خرب أولاً وأما حصنها المشهور فإنه انهدم على واليها تاج الدولة بن أبي العساكر بن منقذ رحمه الله ومن تبعه إلا اليسير ممن كان خارجاً وأما حمص فإن أهلها كانوا قد أجفلوا منها إلى ظاهرها وسلموا وتلفت مساكنهم وتلفت قلعتها وأما حلب فهدمت بعض دورها وخرج أهلها وأما ما بعد عنها من الحصون والمعاقل إلى جبلة وجبيل فأثرت فيها الآثار المستبشعة وأتلفت سلمية وما اتصلت بها إلى ناحية الرحبة وما جاورها ولو لم تدرك العباد والبلاد رحمة الله تعالى ولطفه ورحمته ورأفته لكان الخطب الخطير والأمر الفطيع المزعج بحيث نظم في ذلك من قال:
روّعتنا زلازل حادثاتٌ ... بقضاء قضاه ربّ السماء
هدمت حصن شيزر وحماةً ... أهلكت أهلها بسوء القضاء
وبلاداً كثيرةً وحصوناً ... وثغوراً موثّقات البناء
وإذا ما رنت عيونٌ إليها ... أجرت الدمع عندها بالدماء
وإذا ما قضى من الله أمرٌ ... سابق في عباده بالمضاء
حار قلب اللبيب فيه ومن كا ... ن له فطنة وحسن ذكاء
وتراه مسبّحاً باكي العين م ... مروعا من سخطة وبلاء
جلّ ربي في ملكه وتعالى ... عن مقال الجهال والسفهاء
وأما هل دمشق فلما وافتهم الزلزلة من هولها وأجفلوا من منازلهم والمسقف إلى الجامع والأماكن الخالية من البنيان خوفاً على نفوسهم ووافت بعد ذلك اخرى وفتح باب البلد وخرج الناس إلى ظاهره والبساتين