*
إن ذلك الذي عليه آثار الجاه والنعمة ... وفي خدمته ألف من ذوي المناطق الذهبية
تساوى في النّفس الأخير ... مع الفقير ذي القدر المتواضع
فيجب أن لا يسمح للشيطان أن يستولي على مكامن الأقوال والأفعال. اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ
«1»
لكي يكون طريقه واضحا، يوم يلجأ إلى الله، ولا يطرق سمعه نداء آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ
«2» .
فعدوّه يطفئ مصابيح العقل بنفخ الهوى، ويصيب بالكسوف شمس المعرفة بعقد الحرص وحب الدنيا، وفي ذلك الوقت الذي تعاين فيه نفسه سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ
«3»
وتهجره الأموال والأولاد والجاه والنعمة، ويذهب خدمه وحشمه إلى مخدوم آخر، ويتكدر شراب أمله، ويسلمونه إلى تراب اللحد في بيت الوحدة والوحشة، وكلما ازدادت نعمته، ازداد انشغالا في كيفية حفظ تلك النعمة، إلّا أنه لم يخطر على باله التفكير في ولي نعمته، وكل من شغل بالجزع والندبة يقول: ماذا أستطيع أن أفعل في الدنيا من غيرك؟ دون أن يمرّ على خواطرهم: ترى ما الذي يستطيع أن يفعله هو في ذلك العالم بلا مال أو نعمة وخدم وحشم مع وعورة الطريق وانعدام الزاد؟
وينبغي أن لا يخدع نفسه بقوله: إني ربّاني ومؤمن، فإن لذلك دلائل وعلامات كثيرة، فالإيمان والمعرفة اللذان لم يمنعاك من الإصرار والدوام والمواظبة على النواهي والمعاصي، كيف سينجيانك من غضب الله تعالى في الآخرة؟
فكما أن المصباح لا يضيء إلّا باجتماع الفتيلة والزيت، فإنه إن لم تجتمع العقيدة