إسحاق الشيرازي، وصلى عليه ولده الأكبر بجامع القصر- رحمه الله.
طلب الحديث وسمع الكثير من القاضي أَبِي الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن علي بْن المهتدي وأبي الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون وأبي جعفر محمد بن المسلمة وأبي الحسين بن أحمد ومحمد بن النقور وأبي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سُكَيْنَةَ، والحافظ أبي بكر أحمد ابن علي الخطيب، وببيت المقدس أبا الحسين محمد بن بكر بن عثمان الأزدي وأبا زكريا عبد الرحيم بن أحمد البخاري.
وكتب بخطه كثيرا من الحديث والسير والأدب لنفسه وتوريقا للناس، وكان يكتب خطا حسنا وله معرفة بهذا الشأن. ويوصف بالحفظ والصدقة والثقة، وكان ورعا زاهدا محبوبا إلى الناس.
قال محمد بن طاهر المقدسي: ما كان في الدنيا أحسن قراءة للحديث من أبي بكر ابن الخاضبة في وقته؛ لو سمع بقراءته إنسان يومين لما ملّ قراءته.
قال أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي: سمعت أبا بكر بن الخاضبة يقول: لما كانت سنة الغرق وقعت داري على قماشي وكتبي، ولم يكن لي شيء، وكان لي عائلة: الوالدة والزوجة والبنات [2] ، فكنت أورق الناس وأنفق على الأهل. فأعرف أني كتبت «صحيح مسلم» في تلك السنة بالوراقة سبع مرات، فلما كان ليلة من الليالي رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت. ومناد ينادي: أين ابن الخاضبة؟
فأحضرت، فقيل لي: ادخل الجنة، فلما دخلت الباب وصرت من داخل استلقيت على قفاي ووضعت إحدى رجلي على الأخرى وقلت: آه، استرحت والله من النسخ.
توفي أبو بكر بن الخاضبة في ليلة الجمعة ثاني عشر ربيع الأول من سنة تسع وثمانين وأربعمائة، وصلي عليه بكرة يوم الجمعة في جامع القصر، وكان له يوم مشهود.