وإتقانه وكثرة اطلاعه وسعة رحلته- رحمه الله.
وقد أنبأني بجميع هذا التاريخ [1] الشيخ أبو محمد القاسم بن مظفر بن محمود بن عساكر الدمشقي وجماعة، وكان مولده في سنة تسع وعشرين [وستمائة] [2] وتوفي بدمشق في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة- رحمه الله. قال: كتب إلي الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود بن الحسن بن النجار البغدادي منها، رحمه الله تعالى. يتلوه محمد بن أحمد الشاشي.
ولد بميافارقين، وتفقه بها على أبي عبد الله محمد بن بيان الكازروني وعلى القاضي أبي منصور الطوسي صاحب أبي محمد الجويني، ودخل بغداد ولازم أبا إسحاق الشيرازي وقرأ على أبي نصر بن الصباغ «كتاب الشامل» . وسمع الحديث من أبي جعفر مُحَمَّد بن أَحْمَد بن المسلمة وأبي الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون والقاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن الفراء وغيرهم، وسمع بميافارقين من شيخه الكازروني وحدث، سمع منه جماعة من الحفاظ.
وكان من الأئمة الأعلام وفقهاء الإسلام، مرجوعا إليه في الفتاوى والأحكام ومعرفة الحلال والحرام. وقد صنف في المذهب عدة مصنفات مشهورة.
قال أبو بكر الشاشي: رأيت كأني أنشد هذه الأبيات في النوم من غير أن تكون على ذكرى:
قد نادت الدنيا على نفسها ... لو كَانَ فِي العالم من يسمع
كم واثق بالعمر أفنيته ... وجامع بدّدت ما يجمع
وحدث محمد بن عبد الله القرطبي الفقيه قال: حضرت عند الإمام أبي بكر الشاشي وقد أغمى عليه في مرضه. فلما أفاق أحضروا له ماء ليشربه، قال: لا أحتاج مذ سقاني الآني ملك شربة أغنتني عن الطعام والشراب ثم مات.
مولده في يوم الأحد سابع المحرم سنة سبع وعشرين وأربعمائة، وتوفي ليلة السبت خامس عشري شوال سنة سبع وخمسمائة، ودفن يوم السبت في تربة الشيخ أبي