إذا ما قطعتم ليلكم بمدامكم ... وأفنيتم أيامكم بمنام
فمن ذا الذي يرجوكم لملمة ... ومن ذا الذي يغشاكم السلام
كأنكم لم تسمعوا قول حاتم ... ولم تملكوا نفسا كنفس عصام
ولم تعلموا أن اللسان موكل ... بمدح كرام أو بذم لئام
أنشدنا أبو القاسم الثمانيني اللغوي لابن الرومي [1] :
إذا جئت مشتاقا إليك ورفعت ... جوفك فانظرنى بما أنا خارج
نسيان بيت العنكبوت وجوسق ... على الشط ما لم يقض فيه الحوائج
قرأت في كتاب «التاريخ» لأبي الحسن محمد بن عبد الملك بن الهمداني قال:
ودخلت سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة في ذى القعدة توفى أبو القاسم عمر بن ثابت الثمانيني الضرير النحوي، وهو الذي شرح اللمع، وقال لي: إنى كنت أتردد إلى مسجده بدرب القرشيين بالكرخ وأسمع تدريسه فقال في بعض الأيام وقد عرف حفظي المجمل اللغة: لا تقرأ شيئا من النحو؟ فقلت: لأنك تأخذ من أصحابك الأجرة يدي عن ذلك قاصرة، قال: فما عليك اقرأ على النحو وأقرأ عليك اللغة، ففعل وفعلت، وقرأت عليه «شرح اللمع» وقرأ على «المجمل» لابن فارس.
قرأت في كتاب «التاريخ» لهلال بن المحسن الكاتب بخطة قال: وفي يوم الأحد مستهل ذى العقدة يعنى من سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة توفى أبو القاسم عمر بن ثابت المعروف بالثمانينى الضرير النحوي.
من ساكني المأمونية، وكان يتولى بعض الأعمال الديوانية وعلت مرتبته وارتفع شأنه وصار له قرب من الدولة واختصاص، فبنى مدرسة للمتفقهة من أصحاب أحمد ابن حنبل، ودرس بها أبو حكيم النهرواني وبعده ابن الجوزي، وجعلت فيها خزانة كتب نفيسة، ثم إنه قبض عليه وسجن إلى أن هلك، ولم يثبت فقيه تلك البقعة فبيعت وصارت دارا لبعض الأمراء وأخذت الكتب التي كانت فيها، وكان عمر هذا قد سمع كثيرا من الحديث من أبي الحسن علي بن مُحَمَّد بن على بن العلاف وأبي منصور مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ الخياط المقرئ وأبى القاسم على بن محمد بن بيان وأبى على