والتهاني أنت منشؤها ... كيف يهدي الروض من زهره
فابق للآمال بربعها ... شجرًا نعماؤك من ثمره
ما حدا حاد بملمعه ... وشدا القمري في سحره
أنبأنا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن صالح بْن شافع الجيلي عن أبيه ونقلته من خط أبيه قَالَ:
قَالَ لي والدي: دخلت عَلَى أبي الوفاء بْن عقيل وهو عند ولده بعد ما مات وقبل الشروع في غسله وهو يروحه بمروحه، فكأني لم أدر علي أي شيء أحمل ذلك منه وما أقدمت عَلَى خطابه في مثل تلك الحال، فابتدأني وَقَالَ لي: يا فلان ما هو إلا كما وقع لك، ولكن هي جثة كريمة علي وإن عدم جوهرها، فما دامت مائلة بين يدي فلا يطلب قلبي إلا بتعاهدها بما أقدر عليه من ذب الأذى عنها، وإذا غابت عني فهي في استرعاء من هو خير لها مني، قَالَ وَقَالَ لي والدي: كان ابن عقيل يقول: لولا أن القلوب توقن باجتماع ثان لتفطرت المرائر لفراق المحبوبين، قَالَ: وكان يقول: سبحان من يقبل أولادنا ونحبه.
أنبأنا أَحْمَد بْن [1] طارق قَالَ: سمعت أَحْمَد بْن أبي نصر بْن القناص يقول: سمعت والدي يقول: غسلت ابن عقيل، فلما فرغت من غسله قلت لوالده: إن شئت أن تودعه! فجاء إليه وهو ملفوف في أكفانه لا يبين منه إلا وجهه فأكب عليه وقبله وَقَالَ له: يا بني استودعتك اللَّه الذي لا يضيع ودائعه، الرب خير لك من الأب! ثم مضى.
أنبأنا أبو الفرج ابن الجوزي قَالَ: ولد عقيل بْن علي بْن عقيل في ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان من سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، وتوفي يوم الثلاثاء منتصف المحرم سنة عشر وخمسمائة، ودفن في داره بالظفرية، ثم لما توفي أبوه أخرج معه فدفنا بباب حرب في دكة الإمام أَحْمَد بْن حنبل رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
من أولاد المحدثين، تقدم ذكر والده، كان يسكن بقراح ظفر، ثم انتقل إلى الكرخ،