جِهَازَهَا ثُمَّ ابْعَثْ بِهَا إِلَيْهِ!» فَانْطَلَقَ أَبُو الْجَارِيَةِ فَجَهَّزَ ابْنَتَهُ وَأَحْسَنَ الْقِيَامَ عَلَيْهَا، ثُمَّ بَعَثَ مَعَهَا بِتَمْرٍ وَلَبَنٍ، فَجَاءَتْ بِهِ إِلَى بَيْتِ الأَعْرَابِيِّ، وَانْصَرَفَ الأَعْرَابِيُّ إِلَى بَيْتِهِ فَرَأَى جَارِيَةً مُصْنِعَةً [1] وَرَأَى تَمْرًا وَلَبَنًا، فَقَامَ إِلَى الصَّلاةِ، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَغَدَا أَبُو الْجَارِيَةِ إِلَى ابْنَتِهِ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ! مَا قَرَبَنَا وَلا قَرَبَ تَمْرَنَا وَلا لَبَنَنَا.
قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو الْجَارِيَةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَدَعَا الأَعْرَابِيَّ فَقَالَ: «يَا أَعْرَابِيُّ! مَا مَنَعَكَ مِنْ أَنْ تَكُونَ أَلْمَمْتَ بِأَهْلِكَ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! انْصَرَفْتُ مِنْ عِنْدِكَ وَدَخَلْتُ الْمَنْزِلَ فَإِذَا جَارِيَةٌ مُصْنِعَةٌ وَرَأَيْتُ تَمْرًا وَلَبَنًا، فَكَانَ يَجِبُ لِلَّهِ أَنْ أُحْيِيَ لَيْلَتِي إِلَى الصُّبْحِ. [قَالَ] : «يَا أَعْرَابِيُّ اذْهَبْ فَأَلِمَّ بِأَهْلِكَ» .
توفى أَبُو الفتوح المستملى فِي ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من صفر سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وقد جاوز السبعين.
ولي النظر بديوان الرمام فِي رجب سنة تسعين وخمسمائة، وقلده الإمام الناصر لدين الله النقابة للهاشميين فِي سلخ شعبان سنة اثنتين وتسعين، وعزله فِي سنة ست وتسعين. ثم رد إليه النظر فِي أعمال العراق، فانحدر إلى هناك فأقام مدة ثم عزل، فلزم المقام بواسط، فأقام بها إلى أن أدركه أجله فِي يوم الأحد الثالث والعشرين من شوال سنة ست وتسعين وخمسمائة بالمارستان بواسط، ودفن بمقبرة قبلة المصلى هناك، وكان شابا حسنا، وقد كتبنا عن والده وعاش بعده مدة وأضر، وسيأتي ذكره إن شاء اللَّه تعالى.
388- عُبَيْد اللَّه بْن نصر [3] بْن عُبَيْد اللَّه بْن سهل بْن السرى الزاغوني، أَبُو مُحَمَّد:
والد عَلِيّ ومحمد، كان شيخا صالحا حافظا لكتاب اللَّه، سمع الشريفين أبا الْحُسَيْنِ مُحَمَّد بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُهْتَدِي بِاللَّهِ وأبا الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون وأبا جعفر