طريقا فدعني حتى أمضي إلى حائطي وأنزع هذه الثياب فأوجه بها إليك، قَالَ: كلا، أردت أن توجه إليّ أربعة من عبيدك فيقيموا [1] عليّ ويحملوني إلى السلطان فيحبسني ويمزق جلدي ويطرح فِي رجلي القيد، قلت: كلا، أحلف أيمانا أفي لك بما وعدتك ولا أسوءك، قَالَ: لا إنا روينا عن مالك أنه قَالَ: لا تلزم الأيمان التي يحلف بها اللصوص، قلت: فأحلف ألّا أحتال فِي إيماني هذه، قَالَ: هذه يمين مركبة عَلَى أيمان اللصوص، قلت: فدع المناظرة بيننا، فو الله لأوجهن لك بهذه الثياب طيبة بها نفسي، فأطرق ثم رفع رأسه وَقَالَ: تدري فيما فكرت؟ قلت: لا، قَالَ: تصفحت أمر اللصوص من عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإلى وقتنا هَذَا فلم أجد لصا أخذ بنسيئة، وأكره أن أبتدع فِي الإسلام بدعة يكون عليّ وزرها ووزر من عمل بها بعدي إلى يوم القيامة، اخلع ثيابك، قَالَ: فخلعتها ودفعتها إليه- فأخذها وأنصرف.
وبه: قَالَ أنشدنا أَبُو غالب بْن بشران قَالَ: أنشدنا ابن دينار قَالَ: أنشدنا أَبُو طالب الأنباري، أنشدنا الناجم يعني أَبَا عثمان، أنشدنا ابن الرومي لنفسه:
إذا ما مدحت الباخلين فإنما ... تذكرهم ما فِي سواهم من الفضل
وتهدى لهم غما طويلًا وحسرة ... فإن منعوا منك النوال فبالعدل
أَنْبَأَنَا عَبْد الوهاب بْن عَلِيّ عن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الوراق قال: أنبأنا أبو علي محمد بن وشاح الزينبي، أنبأنا عبد الصمد بن أحمد الخولابي، أنشدني أَبُو طالب عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بن يعقوب الأنباري، أنبأنا ثعلب أَبُو العباس أَحْمَد بْن يحيى الشيباني:
متى تؤنس العينان الطلال دمنه ... بنعف اللوى يرفض [2] دمعها رفضا
ألا ربما تقضى بما يعجب الفتى ... ويا ربما تقضى بغير [3] الذي ترضا
إذا فرقت بين الخليلين نية ... فإن لتفريق الهوى وجعا مضا
فما بال ديني أن يحل عليكم ... أرى الناس يقضون الديون ولا أقضا
لقد كان ذاك الدين نقدا وبعضه ... بقرض فما أديت نقدا ولا قرضا