عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَبِي نصر الحميدي وطراد بْن مُحَمَّد الزينبي ثُمَّ صار إلى واسط وسكن قرية عَبْد اللَّه تحت واسط بفرسخين، يخدم الفقراء برباط بها إلى أن مات، وحدث بواسط. سَمِعَ مِنْهُ جماعة وروى لنا عَنْهُ موهوب بْن المبارك المقرئ وأبو الفتح المندائي وأَبُو طَالِب عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الهاشمي وغيرهم. توفي في مصر سنة ثلاث وستين وخمسمائة عن تسعين سنة.
عرف بحيص بيص، ومعناها الشدة والاختلاط، يُقال إنه رَأَى النَّاس فِي شدة وحركة فَقَالَ: «ما للناس فِي حيص بيص؟» فلقب بذلك. وَقَدْ كَانَ فاضلًا عالمًا لغويًا خبيرًا بأشعار العرب. تفقه فِي مذهب الشَّافعيّ وتكلم فِي الخلاف. قَالَ أَبُو سعد بْن السمعاني فِي تاريخه: «كَانَ فصيحًا حسن الشعر» .
قلت: سَمِعَ من أَبِي طَالِب الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الزينبي وبواسط من أَبِي المجد مُحَمَّد بْن جهور وله ديوان أحسن فِيهِ ورسائل بليغة، أخذ النَّاس عَنْهُ. كتبت عن جماعة سمعوا مِنْهُ ومدح الخلفاء والوزراء واكتسب بالشعر. توفي فِي شعبان سنة أربع وسبعين ولم يعقب.
وتوران قرية عَلَى باب حران، أحد التجار، جالس أبا مَنْصُور بْن الجواليقي وأخذ عَنْهُ وعن غيره الأدب، وله شعر حسن أورد مِنْهُ أَبُو سعد بْن السمعاني عَنْهُ قطعة فِي تاريخه، توفي فِي ذي القعدة سنة ثمانين وخمسمائة.
نزل بغداد بباب الأزج، تفقه عَلَى مذهب أَحْمَد وجالس ابْنُ الخشاب وأخذ عَنْهُ وانقطع إلى العبادة والنسك والورع. أوصى أبو الفتح بْن المنى لما احتضر أن يصلي عَلَيْهِ سعد الْمَصْرِيّ إمامًا. توفي فِي ربيع الآخر سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة وحضره الخلق الكثير.