قال: أيش حالك؟ فقلت: أصبحت كالصريم بغتني الْجَرَادُ فَأَكَلَ زَرْعِي، قَالَ: وَكَمْ غَرِمْتَ فِيهِ؟ قُلْتُ: مِائَةً وَعِشْرِينَ دِينَارًا مَعَ ثَمَنِ الْجَمَلَيْنِ. فَقَالَ: يَا عَرَفَةُ، زِنْ لأَبِي الْمُغِيثِ مِائَةً وخمسين دينارا فربحك ثَلاثِينَ دِينَارًا وَالْجَمَلَيْنِ. فَقُلْتُ: يَا مُبَارَكُ ادخل وادع لِي فِيهَا، فَدَخَلَ وَدَعَا وحَدَّثَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «تَمَسَّكُوا بِبَقَايَا الْمَصَائِبِ» [1]

ثُمَّ عَلَّقْتُ عَلَيْهِ الْجَمَلَيْنِ وَسَقَيْتُهُ، فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهَا الْبَرَكَةَ، زَكَتْ فَبِعْتُ مِنْهَا بِعَشَرَةِ آلافٍ.

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أخبرنا الحسن بن محمّد العلوي، حَدَّثَنَا جَدِّي قَالَ:

وَذَكَرَ إِدْرِيسُ بْنُ أَبِي رَافِعٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي إِلَى ضِيَاعِهِ بِسَايَةَ [2] فَأَصْبَحْنَا فِي غداة باردة وقد دنونا منها، وأصبحنا إلى عين من عيون ساية، وخرج إِلَيْنَا مِنْ تِلْكَ الضِّيَاعِ عَبْدٌ زِنْجِيٌّ فَصِيحٌ مُسْتَذْفِرٌ بِخِرْقَةٍ [3] ، عَلَى رَأْسِهِ قِدْرُ فَخَّارٍ يَفُورُ، فَوَقَفَ عَلَى الْغِلْمَانِ فَقَالَ: أَيْنَ سَيِّدُكُمْ؟ قَالُوا: هُوَ ذَاكَ، قَالَ: أَبُو مَنْ يُكْنَى؟ قَالُوا لَهُ أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: فَوَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا سَيِّدِي يَا أَبَا الْحَسَنِ هَذِهِ عَصِيدَةٌ أَهْدَيْتُهَا إِلَيْكَ، قَالَ: ضَعْهَا عِنْدَ الْغِلْمَانِ، فَأَكَلُوا مِنْهَا، قَالَ: ثُمَّ ذَهَبَ فَلَمْ نَقُلْ بَلَغَ حَتَّى خَرَجَ عَلَى رَأْسِهِ حُزْمَةُ حَطَبٍ، حَتَّى وَقَفَ فَقَالَ لَهُ يَا سَيِّدِي هَذَا حَطَبٌ أَهْدَيْتُ إِلَيْكَ. قَالَ: ضَعْهُ عِنْدَ الْغِلْمَانِ وَهُبَّ لنا نارا. فذهب فجاء بنار. قال: وكتب أَبُو الْحَسَنِ اسْمَهُ وَاسْمَ مَوْلاهُ فَدَفَعَهُ إِلَيَّ وَقَالَ: يَا بُنَيَّ احْتَفِظْ بِهَذِهِ الرُّقْعَةِ حَتَّى أَسْأَلَكَ عَنْهَا. قَالَ: فَوَرَدْنَا إِلَى ضِيَاعِهِ، وَأَقَامَ بِهَا مَا طَابَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ: امْضُوا بِنَا إِلَى زِيَارَةِ الْبَيْتِ، قَالَ: فَخَرَجْنَا حَتَّى وَرَدْنَا مَكَّةَ، فَلَمَّا قَضَى أَبُو الْحَسَنِ عُمْرَتَهُ دَعَا صَاعِدًا فَقَالَ اذْهَبْ فَاطْلُبْ لِي هَذَا الرَّجُلَ فَإِذَا عَلِمْتَ بِمَوْضِعِهِ فَأَعْلِمْنِي حَتَّى أَمْشِي إِلَيْهِ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَدْعُوَهُ وَالْحَاجَةُ لِي. قال لي صَاعِدٌ: فَذَهَبْتُ حَتَّى وَقَفْتُ عَلَى الرَّجُلِ، فَلَمَّا رَآنِي عَرَفَنِي- وَكُنْتُ أَعْرِفُهُ، وَكَانَ يَتَشَيَّعُ- فَلَمَّا رَآنِي سَلَّمَ عَلَيَّ، وَقَالَ: أَبُو الْحَسَنِ قَدِمَ؟ قُلْتُ: لا، قَالَ: فَأَيْشِ أَقْدَمَكَ؟ قُلْتُ: حَوَائِجُ؟ وقد كان عَلِمَ بِمَكَانِهِ بِسَايَةَ، فَتَتَبَّعَنِي وَجَعَلْتُ أَتَقَصَّى مِنْهُ وَيَلْحَقُنِي بِنَفْسِهِ، فَلَمَّا رَأَيْتُ أَنِّي لا أَنْفَلِتُ مِنْهُ، مَضَيْتُ إِلَى مَوْلايَ وَمَضَى مَعِي حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَقَالَ لِي: [4] أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لا تعلمه؟ فقلت جعلت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015