ضيعته، فخرج إلى ومعه غلام له معه منسف فيه قديد مجزع ليس معه غيره، فأكل وأكلت معه، ثم سألني عن حاجتي، فذكرت له قصتي، فدخل فلم يقم إلا يسيرا حتى خرج إلي فقال لغلامه: اذهب. ثُمَّ مد يده إلي فدفع إلي صرة فيها ثلاثمائة دينار، ثم قام فولى. فقمت فركبت دابتي وانصرفت.
قَالَ جدي يحيى بن الحسن: وذكر لي غير واحد من أصحابنا أن رجلا من ولد عمر بن الخطاب كان بالمدينة يؤذيه ويشتم عليا [1] ، قَالَ: وكان قد قَالَ له بعض حاشيته دعنا نقتله، فنهاهم عن ذلك أشد النهي، وزجرهم أشد الزجر، وسأل عن العمري فذكر له أنه يزدرع بناحية من نواحي المدينة، فركب إليه في مزرعته فوجده فيها، فدخل المزرعة بحماره فصاح به العمري لا تطأ زرعنا، فوطئه بالحمار حتى وصل إليه فنزل فجلس عنده وضاحكه، وَقَالَ له كم غرمت في زرعك هذا؟ قَالَ له مائة دينار، قَالَ: فكم ترجو أن يصيب؟ قَالَ: أنا لا أعلم الغيب. قَالَ: إنما قلت لك كم ترجو أن يجيئك فيه؟ قَالَ: أرجو أن يجيئني مائتا دينار، قَالَ: فأعطاه ثلاثمائة دينار وَقَالَ: هذا زرعك على حاله. قَالَ: فقام العمري فقبل رأسه وانصرف. قَالَ: فراح إلى المسجد فوجد العمري جالسا، فلما نظر إليه قَالَ: الله أعلم حيث يجعل رسالته. قَالَ:
فوثب أصحابه فقالوا له ما قصتك؟ قد كنت تقول خلاف هذا قَالَ: فخاصمهم وشاتمهم، قَالَ: وجعل يدعو لأبي الحسن موسى كلما دخل وخرج. قَالَ: فقال أبو الحسن موسى لحاشيته [2] الذين أرادوا قتل العمري: أيما كان خيرا، ما أردتم، أو ما أردت أن أصلح أمره بهذا المقدار؟
أَخْبَرَنَا سَلامَةُ بْنُ الْحُسَيْنِ المقرئ وعمر بْن مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدَ اللَّه المؤدب قالا: أخبرنا علي بن عمر الحافظ، حدّثنا القاضي الحسين بن إسماعيل، حدّثنا عبد الله بن أبي سعد، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْكِنَانِيُّ اللَّيْثِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُغِيثٍ الْقُرَظِيُّ- وَبَلَغَ تِسْعِينَ سَنَةً- قَالَ: زَرَعْتُ بِطِّيخًا وَقِثَّاءً وَقَرْعًا فِي مَوْضِعٍ بِالْجَوَّانِيَةِ عَلَى بِئْرٍ، يُقَالُ لَهَا أُمُّ عظام، فلما قرب الخير، واستوى الزرع، بغتني الْجَرَادُ، فَأَتَى عَلَى الزَّرْعِ كُلِّهِ، وَكُنْتُ غَرِمْتُ عَلَى الزَّرْعِ وَفِي ثَمَنِ جَمَلَيْنِ مِائَةً وَعِشْرِينَ دِينَارًا فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ طَلَعَ مُوسَى بْنُ جعفر بن محمّد فسلم، ثم