حَدَّثَنِي الصوري قَالَ: سمعتُ عَبْد الغني بْن سَعِيد الحافظ- بمصر- يَقُولُ: أحسن الناس كلاما على حديث رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَةٌ؛ عليّ بن المديني في وقته، وموسى بن هارون في وقته، وعلي بن عمر الدارقطني فِي وقته.
أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: كنت أسمع عَبْد الغنى بْن سعيد الحافظ كثيرا إذا حكى عَن أَبِي الحسن الدارقطني شيئا يَقُولُ: قَالَ أستاذي، وسمعت أستاذي. فقلت له فِي ذلك فقال: وهل تعلمنا هذين الحرفين من العلم إلا من أَبِي الحسن الدارقطني. قَالَ لنا البرقاني: وما رأيت بعد الدارقطني أحفظ من عَبْد الغنى بْن سعيد.
حَدَّثَنَا الأزهري قَالَ: بلغني أن الدارقطني حضر فِي حداثته مجلس إِسْمَاعِيل الصفار، فجلس ينسخ جزءا كان معه وإسماعيل يملي. فقال له بعض الحاضرين: لا يصح سماعك وأنت تنسخ! فقال له الدارقطني: فهمي للإملاء خلاف فهمك، ثم قَالَ: تحفظ كم أملي الشيخ من حديث إِلَى الآن؟ فقال: لا، فقال الدارقطني: أملي ثمانية عشر حديثا. فعدت الأحاديث فوجدت كما قَالَ. ثم قَالَ أَبُو الحسن: الحديث الأول منها عَن فلان عَن فلان، ومتنه كذا. والحديث الثاني عَن فلان عَن فلان، ومتنه كذا. ولم يزل يذكر أسانيد الأحاديث ومتونها على ترتيبها فِي الإملاء حتى أتى على آخرها، فتعجب الناس منه- أو كما قَالَ-.
أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: سمعت أبا الحسن الدارقطني يَقُولُ: كتبت بِبَغْدَادَ من أحاديث السوداني أحاديث تفرد بها، ثم مضيت إِلَى الكوفة لأسمع منه، فجئت إليه وعنده أَبُو العباس بْن عقدة فدفعت إليه الأحاديث فِي ورقة، فنظر فيها أَبُو العباس ثم رمى بها واستنكرها وأبَى أن يقرأها وقال: هؤلاء البغداديون يجيئونا بما لا نعرفه. قَالَ أَبُو الحسن: ثم قرأ أَبُو العباس عليه فمضى فِي جملة ما قرأه حديث منها، فقلت له: هذا الحديث من جملة الأحاديث، ثم مضى آخر، فقلت: وهذا أيضا من جملتها، ثم مضى ثالث فقلت: وهذا أيضا منها، وانصرفت وانقطعت عَن العود إِلَى المجلس لحمى نالتني فبينما أنا فِي الموضع الذي كنت نزلته إذا أنا بداق يدق عليَّ الباب، فقلت: من هذا؟
فقال: ابن سعيد، فخرجت وإذا بأبي العباس، فوقعت فِي صدره أقبله، وقلت: يا سيدي لم تجشمت المجيء؟ فقال: ما عرفناك إلا بعد انصرافك، وجعل يعتذر إِلَيَّ ثم قَالَ: ما الذي أخرك عَن الحضور؟ فذكرت له أني حممت. فقال: تحضر المجلس لتقرأ ما أحببت، فكنت بعد إذا حضرت أكرمني ورفعني فِي المجلس- أو كما قَالَ-.