الحديث عَن أَبِي سعيد نفسه. ومنها أيضا المعرفة بالأدب والشعر، وقيل إنه كان يحفظ دواوين جماعة من الشعراء.
وسمعت حمزة بْن مُحَمَّد بْن طاهر الدقاق يَقُولُ: كان أَبُو الحسن الدارقطني يحفظ ديوان السيد الحميري فِي جملة ما يحفظ من الشعر. فنسب إِلَى التشيع لذلك.
وَحَدَّثَنِي الأزهري: أن أبا الحسن لما دخل مصر كان بها شيخ علوي من أهل مدينة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقال له مسلم بْن عبيد اللَّه، وكان عنده كتاب النسب عَن الخضر بْن داود عَن الزبير بْن بكار، وكان مسلم أحد الموصوفين بالفصاحة المطبوعين على العربية، فسأل الناس أبا الحسن أن يقرأ عليه كتاب النسب ورغبوا فِي سماعه بقراءته، فأجابهم إِلَى ذلك. واجتمع فِي المجلس من كان بمصر من أهل العلم والأدب والفضل، فحرصوا على أن يحفظوا على أَبِي الحسن لحنة، أو يظفروا منه بسقطة، فلم يقدروا على ذلك. حتى جعل مسلم يعجب ويقول له: وعربية أيضا! حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي الصوري قَالَ: سمعت أبا مُحَمَّد رجاء بْن مُحَمَّد بْن عيسى الأنصاري المعدل يَقُولُ: سألت أبا الحسن الدارقطني فقلت له: رأى الشيخ مثل نفسه؟ فقال لي: قَالَ اللَّه تعالى: فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ
[النجم 52] فقلت له: لم أرد هذا، وإنما أردت أن أعلمه لأقول رأيت شيخا لم ير مثله، فقال لي: إن كان فِي فن واحد فقد رأيت من هو أفضل مني، وأما من اجتمع فيه ما اجتمع فِي فلا.
حَدَّثَنِي أَبُو الوليد سُلَيْمَان بْن خلف الأندلسي قَالَ: سمعت أبا ذر الهروي يَقُولُ:
سَمِعْتُ الحاكم أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الحافظ- وسئل عَن الدارقطني- فقال:
ما رأى مثل نفسه. قَالَ لي الأزهري: كان الدارقطني ذكيا إذا ذوكر شيئا من العلم أي نوع كان وجد عنده منه نصيب وافر، ولقد حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن طلحة النعالي أنه حضر مع أَبِي الحسن فِي دعوة عند بعض الناس ليلة، فجرى شيء من ذكر الأكلة، فاندفع أَبُو الحسن يورد أخبار الأكلة وحكاياتهم ونوادرهم حتى قطع ليلته- أو أكثرها- بذلك.
سمعت القاضي أبا الطيب طاهر بْن عَبْد اللَّه الطبري يَقُولُ: كان الدارقطني أمير المؤمنين فِي الحديث، وما رأيت حافظا ورد بَغْدَاد إلا مضى إليه، وسلم له. يعني فسلم له التقدمة فِي الحفظ، وعلو المنزلة فِي العلم.