قلت: وبلغني أنه ولد فِي اليوم الحادي عشر من ذي القعدة سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وولي قضاء البصرة قديما.

حَدَّثَنِي القاضي أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن حبيب البصري قَالَ: كَانَ بيني وبين القاضي أَبِي الْحَسَن بْن أَبِي الشوارب بالبصرة أنس كثير، وامتزاج شديد، كَانَ يعدني ولدا وكنت أعده وَالدا، فما علمت له سرا قط لو ظهر عَلَيْهِ استحيا منه. قال ابن حبيب: وكَانَ بالبصرة رَجُل من وجوهها واسع الحال، كثير المال جدا، يعرف بأبي نصر بْن عبدويه، فَقَالَ لي- وقد دخلت عَلَيْهِ عائدا له فِي علة الموت-: فِي صدري سر قد بعلت بكتمانه منذ زمن طويل! وأريد إطلاعك عَلَيْهِ، لما ولي القاضي أَبُو الْحَسَن ابن أَبِي الشوارب القضاء بالبصرة فِي أيام بهاء الدولة، وكان بيني وبينه من الود ما شهرته تغنى عَن ذكره، مضيت إليه وخاطبته فقلت: قد علمت أن هذا الأمر الذي تقلدته يحتاج فِيهِ إِلَى مؤن كثيرة، وأمور لا يقدر عليها، وقد أحضرتك مائتي دينار، وتعلم أني ممن لا يطلب قضاء، ولا شهادة، ولا بيني وبين أحد خصومة أحتاج فِيهَا إِلَى الترافع إليك، وإن حدث لي حدث اقتضى الترافع إليك فبالله عليك إلا حكمت عَلِيّ فِي ذلك بما يجب عَلَى يهودي لو كَانَ فِي موضعي! وأسألك أن تقبض مني هذه الدنانير تستعين بها عَلَى أمرك، فإن قبلتها بسبب المودة التي بيننا فأنت فِي حل منها فِي الدُّنْيَا وَالآخرة، وإن كرهت قبولها على هذا الوجه فهي قرض لي عليك. فَقَالَ: أعلم أن الأمر كما ذكرته، وو الله إني لمحتاج إليها، ولكن لا يراني اللَّه وقد قبلت أعانة عَلَى هذا الأمر، وأسألك بالله إن أطلعت أحدا عَلَى هذا السر ما دمت فِي الدُّنْيَا. قَالَ ابْن عبدويه: فو الله ما ذكرت لأحد هذا السر قبل هذا الوقت. قال ابن حبيب: ومات من يومه ذلك.

مات ابْن أَبِي الشوارب فِي ليلة الخميس الثامن عشر من شوَال سنة سبع عشرة وأربعمائة، وكانت ولايته قضاء القضاة في رجب من سنة خمس وأربعمائة.

2823- أحمد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الصّمد المهتدي بالله، أَبُو عَبْد اللَّه الهاشمي [1] :

خطيب جامع المنصور. تقلد الصلاة بالناس، وَالخطابة فِي سنة ست وثمانين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015