6937 - موسى أمير المؤمنين الهادي بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس يكنى أبا محمد بويع له بالخلافة بعد أبيه، وكان بجرجان وقت موت المهدي، وتولى له البيعة ببغداد أخوه هارون الرشيد، وكان مولد الهادي بالري.
فأَخْبَرَنِي الأزهري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بن إبراهيم، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بن محمد بن عرفة، قَالَ: كان الهادي يكنى أبا محمد، وأمه الخيزران.
ومات المهدي بماسبذان ومعه الرشيد، وكان موسى الهادي بجرجان، فقدم الرشيد مدينة السلام، فأخذ البيعة للهادي، ثم قدم الهادي مدينة السلام، فأقام بها إلى أن توفي يوم الجمعة لأربع عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول، سنة سبعين ومائة، وقد بلغ من السن ثلاثا وعشرين سنة.
وكان كثير الولد، وكانت خلافته سنة وشهرا وبعض آخر.
ولم يتولى الخلافة قبل الهادي بسنه أحد.
أَخْبَرَنَا الحسن بن أبي بكر، قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بن عبد الله الشافعي، قَالَ: أَخْبَرَنَا عمر بن حفص السدوسي، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن يزيد، قَالَ: واستخلف موسى بن المهدي سنة تسع وستين ومائة، وهو الهادي، وتوفي سنة سبعين ومائة لأربع عشرة خلت من شهر ربيع الأول يوم الجمعة، فكانت خلافته سنة وشهرا واثنين وعشرين يوما، وتوفي وله أربع وعشرون سنة، وأمه أم ولد، يقال لها: الخيزران أَخْبَرَنَا عبيد الله بن عمر الواعظ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، قَالَ: حَدَّثَنَا إسماعيل بن علي، قَالَ: أَخْبَرَنِي البربري، عن ابن أبي السري، قَالَ: استخلف أبو محمد موسى الهادي، أتته الخلافة وهو بجرجان لأربع مضين من صفر سنة تسع وستين ومائة، فكانت خلافته سنة وشهرين وأحد عشر يوما، وتوفي ليلة الجمعة لثلاث عشرة بقيت من ربيع الأول سنة سبعين ومائة وهو ابن أربع وعشرين سنة.
قَالَ: ويقال: ست وعشرين سنة، وصلى عليه أخوه هارون الرشيد، وتوفي بعيساباذ، بقصره الذي بناه وسماه: القصر الأبيض، وبه قبره قَالَ ابن أبي السري: وَقَالَ الهيثم بن عدي: توفي ببغداد وبها قبره بالجانب الشرقي، في مجلس يقال له: دار البستان، يعرف ببستان موسى أطبق، قَالَ: ابن أبي السري: وكان موسى طويلا، جسيما، أبيض، بشفته العليا تقلص.
(4341) حَدَّثَنِي الأَزْهَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَحْمَدَ الدِّيبَاجِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الصُّولِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْغَلابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيُّ الْمَكِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُطَّلِبُ بْنُ عُكَاشَةَ الْمُزَنِيُّ، قَالَ: قَدِمْنَا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْهَادِي شُهُودًا عَلَى رَجُلٍ مِنَّا شَتَمَ قُرَيْشًا، وَتَخَطَّى إِلَى ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسَ لَنَا مَجْلِسًا أَحْضَرَ فِيهِ فُقَهَاءَ زَمَانِهِ وَمَنْ كَانَ بِالْحَضْرَةِ عَلَى بَابِهِ، وَأُحْضِرَ الرَّجُلُ وَأُحْضِرْنَا، فَشَهِدْنَا عَلَيْهِ بِمَا سَمِعْنَا مِنْهُ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُ الْهَادِي، ثُمَّ نَكَّسَ رَأْسَهُ وَرَفَعَهُ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ أَبِي الْمَهْدِيَّ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ الْمَنْصُورِ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " مَنْ أَرَادَ هَوَانَ قُرَيْشٍ أَهَانَهُ اللَّهُ "، وَأَنْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ لَمْ تَرْضَ بِأَنْ أَرَدْتَ ذَلِكَ مِنْ قُرَيْشٍ حَتَّى تَخَطَّيْتَ إِلَى ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اضْرِبُوا عُنُقَهُ، فَمَا بَرِحْنَا حَتَّى قُتِلَ قَالَ: أَخْبَرَنِي الحسين بن علي الصيمري، قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين بن هارون الضبي، قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بن عمر ابن الجعابي، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن عبيد الله أبو العباس الثقفي، قَالَ: حَدَّثَنِي عيسى بن محمد الكاتب، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، قَالَ: قَالَ لي أمير المؤمنين الهادي: يا أبا جعفر، أَخْبَرَنِي أبي، عن جدي، أن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، قَالَ: ما أصلح الملك بمثل تعجيل العقوبة للجاني، والعفو عن الزلات القريبة، ليقل الطمع في الملك.
أَخْبَرَنَا الحسن بن الحسين بن العباس النعالي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بن نصر الذارع، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن أحمد، قَالَ: حَدَّثَنَا العباس بن الفضل، عن أبيه، قَالَ: غضب موسى الهادي على رجل، فكلم فيه فرضي عنه، فذهب يعتذر، فقال له موسى: إن الرضا قد كفاك مؤنة الاعتذار.
أَخْبَرَنَا أبو الحسين محمد بن عبد الواحد بن علي البزاز، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن أبي الأزهر النحوي، قَالَ: حَدَّثَنَا الزبير بن بكار، قَالَ: حَدَّثَنِي عمي مصعب بن عبد الله، عن جدي عبد الله بن مصعب، قَالَ: دخل مروان بن أبي حفصة على أمير المؤمنين الهادي، فأنشده مديحا له حتى إذا بلغ قوله:
تشابه يوما بأسه ونواله فما أحد يدري لأيهما الفضل
فقال له الهادي: أيهما أحب إليك: ثلاثون ألف معجلة، أو مائة ألف تدور في الدواوين؟ قَالَ: يا أمير المؤمنين، أنت تحسن ما هو أحسن من هذا، ولكنك أنسيته، أفتأذن لي أن أذكرك؟ قَالَ: نعم، قَالَ: تعجل الثلاثون الألف، وتدور المائة الألف، قَالَ: بل يعجلان لك جميعا، فحمل ذلك إليه.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بْنِ هَارُونَ بْنِ الصَّلْتِ إِجَازَةً، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو الْعَتَاهِيَةِ، أنه أنشد موسى الخليفة قوله:
أفنيت عمرك إدبارا وإقبالا تبغي البنين وتبغي الأهل والمالا
فأمر لي بعشرة آلاف درهم من قبل المعلى، فأتيته أتنجز ما أمر لي به، فقال لي: امدحه بقصيدة وخذها، فقلت له: قد أنسيت المدح وذهب عني، فآيسني، فلقيت أبا الوليد، فقلت:
أبلغ سلمت أبا الوليد سلامي عني أمير المؤمنين إمامي
فإذا فرغت من السلام فقل له قد كان ما قد كان من إفحامي
ولئن منعت فليس ذاك بمبطل ما قد مضى من حرمتي وذمامي
فلربما قصدت إليك مودتي ونصيحتي بلباب كل كلام
أيام لي لسن ورونق جدة والشيء قد يبلى على الأيام
فأنشدها أمير المؤمنين، فأمر المعلى أن لا يبرح من موضعه حتى يصير إلي المال، فحمل إلي من منزله.
أَخْبَرَنِي الأزهري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بن إبراهيم، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بن محمد بن عرفة، قَالَ: حكي، عن إبراهيم بن إسحاق الموصلي، قَالَ: كنا يوما عند موسى الهادي، وعنده ابن جامع، ومعاذ بن الطيب، فكان أول من دخل عليه معاذ، وكان حاذقا بالغناء عارفا بقديمه، فقال: من أطربني منكم اليوم فله حكمه، فغناه ابن جامع غناء فلم يحركه، وعرفت غرضه في الأغاني، فقال: هات يا إبراهيم، فغنيته:
سليمى أزمعت بينا فأين لقاؤنا أينا
فطرب حتى قام من مجلسه ورفع صوته، وَقَالَ: أعد بالله، فأعدت، فقال: هذا غرضي، فاحتكم، فقلت: يا أمير المؤمنين، حائط عبد الملك بن مروان وعينه الخرارة بالمدينة، قَالَ: فدارت عينه في رأسه حتى صارتا كأنهما جمرتان، ثم قَالَ: يابن اللخناء، أردت أن تسمع العامة أنك أطربتني، وأني حكمتك فأقطعتك، والله لولا بادرة جهلك التي غلبت علي صحيح عقلك لضربت الذي فيه عيناك، ثم أطرق، قَالَ: إبراهيم: فرأيت ملك الموت بيني وبينه ينتظر أمره، ثم دعا حاجبه، فقال: خذ بيد هذا الجاهل فأدخله بيت المال، فليأخذ منه ما شاء، فقال لي الحاجب: كم تأخذ؟ قلت: مائة بدرة، قَالَ: دعني أؤامره، فقلت: خذ أنت ثلاثين وأعطني سبعين، فرضي بذلك، قَالَ: فانصرفت بسبع مائة ألف درهم، وانصرف ملك الموت، عن وجهي