4791 - شريك بن عبد الله أبو عبد الله النخعي الكوفى القاضي

4791 - شريك بن عبد الله أبو عبد الله النخعي الكوفي القاضي

أدرك عمر بن عبد العزيز، وسمع أبا إسحاق السبيعي، ومنصور بن المعتمر، وعبد الملك بن عمير، وسماك بن حرب، وسلمة بن كهيل، وحبيب بن أبي ثابت، وعلي بن الأقمر، وزبيدا اليامي، وعاصما الأحول، وعبد الله بن محمد بن عقيل، ومخول بن راشد، وهلال الوزان، وأشعث بن سوار، وشبيب بن غرقدة، وحكيم بن جبير، وجابرا الجعفي، وعلي بن بذيمة، وعمارا الدهني، وسليمان الأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد.

روى عنه عبد الله بن المبارك، وعباد بن العوام، ووكيع بن الجراح، وعبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق الأزرق، ويزيد بن هارون، وأبو نعيم، ويحيى ابن الحماني، وعلي بن الجعد، وخلف بن هشام، ومحرز بن عون، وبشر بن الوليد، وعبد الله بن عون الخراز، ومحمد بن سليمان لوين.

وقدم شريك بغداد مرات وحدث بها.

أَخْبَرَنِي الأزهري، قال: حَدَّثَنَا محمد بن العباس، قال: أَخْبَرَنَا أحمد بن معروف، قال: أَخْبَرَنَا الحسين بن فهم، قال: أَخْبَرَنَا محمد بن سعد، قال: شريك بن عبد الله بن أبي شريك، وهو الحارث بن أوس بن الحارث بن ذهل بن وهبيل بن سعد بن مالك بن النخع بن مذحج.

وكان شريك ولد ببخارى بأرض خراسان، وكان جده قد شهد القادسية.

أَخْبَرَنَا البرقاني، قال: قرأت على أبي الحسن الكراعي: حدثكم عبد الله بن محمود، قال: سمعت علي بن حجر، يقول: سمعت شريكا، يقول: ولدت ببخارى.

وقال عبد الله بن محمود: سمعت أبي يقول: سمعت يحيى الحماني، يقول: قال لي عبد الله بن المبارك: أما يكفيك علم شريك؟ أَخْبَرَنَا محمد بن أحمد بن رزق، قال: أَخْبَرَنَا عثمان بن أحمد، قال: حَدَّثَنَا حنبل بن إسحاق، قال: حَدَّثَنِي أبو عبد الله، قال: بلغني أن شريكا ولد سنة خمس وتسعين.

أَخْبَرَنَا ابن الفضل، قال: أَخْبَرَنَا عبد الله بن جعفر، قال: حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان، قال: حَدَّثَنِي الفضل، هو ابن زياد، قال: سمعت أبا عبد الله، يقول: ولد شريك سنة خمس وتسعين.

أَخْبَرَنَا القاضي أبو العلاء الواسطي، قال: أَخْبَرَنَا محمد بن جعفر التميمي بالكوفة، قال: أَخْبَرَنَا أبو القاسم الحسن بن محمد، قال: أَخْبَرَنَا وكيع، قال: أَخْبَرَنِي إبراهيم بن عثمان، قال: حَدَّثَنَا أبو خالد يزيد بن يحيى بن يزيد، قال: حَدَّثَنِي أبي، قال: مر شريك القاضي بالمستنير بن عمرو النخعي، فجلس إليه، فقال: يا أبا عبد الله، من أدبك؟ قال: أدبتني نفسي والله، ولدت بخراسان ببخارى فحملني ابن عم لنا حتى طرحني عند بني عم لي بنهر صرصر، فكنت أجلس إلى معلم لهم فعلق بقلبي تعلم القرآن فجئت إلى شيخهم، فقلت: يا عماه، الذي كنت تجري علي ههنا أجره علي بالكوفة أعرف بها السنة وقومي، ففعل.

قال: فكنت بالكوفة أضرب اللبن وأبيعه، وأشتري دفاتر وطروسا فأكتب فيها العلم والحديث، ثم طلبت الفقه فبلغت ما ترى.

فقال المستنير بن عمرو لولده: سمعتم قول ابن عمكم، وقد أكثرت عليكم في الأدب ولا أراكم تفلحون فيه، فليؤدب كل رجل منكم نفسه، فمن أحسن فلها، ومن أساء فعليها.

أَخْبَرَنِي الجوهري، قال: أَخْبَرَنَا علي بن محمد بن لؤلؤ الوراق، قال: حَدَّثَنَا محمد بن سويد الزيات، قال: حَدَّثَنِي أبو يحيى الناقد، قال: حَدَّثَنِي حجاج بن يوسف الشاعر، قال: سمعت أبا أحمد الزبيري، يقول: كنت إذا جلست إلى الحسن بن صالح رجعت وقد نغص علي ليلتي، وكنت إذا جلست إلى سفيان الثوري رجعت وقد هممت أن أعمل عملا صالحا، وكنت إذا جلست إلى شريك بن عبد الله رجعت وقد استفدت أدبا حسنا.

أَخْبَرَنَا هلال بن محمد الحفار، قال: أَخْبَرَنَا إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حَدَّثَنَا جعفر بن محمد الطيالسي، قال: سمعت أبا معمر يقول: سمعت حفص بن غياث، يقول: قال الأعمش يوما: ليليني منكم أولو الأحلام والنهى، قال: فقدمنا شريكا، وأبا حفص الأبار.

أَخْبَرَنِي السكري، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي، قال: حَدَّثَنَا جعفر بن محمد بن الأزهر، قال: حَدَّثَنَا ابن الغلابي، قال: قال شريك بن عبد الله: صليت الغداة مع أبي إسحاق الهمداني سبع مائة مرة.

أَخْبَرَنَا ابن رزق، قال: أَخْبَرَنَا عثمان بن أحمد، قال: حَدَّثَنَا حنبل، قال: سمعت الهيثم بن خارجة يحدث أبا عبد الله، قال: سمعت شريكا ببغداد يقول: لوددت أني كنت كتبت تفسير أبي إسحاق.

أَخْبَرَنَا حمزة بن محمد بن طاهر، قال: أَخْبَرَنَا أحمد بن إبراهيم، قال: حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد البغوي، قال: حَدَّثَنَا داود بن رشيد، قال: حَدَّثَنَا محمد بن معاوية النيسابوري، قال: سمعت عبادا، يقول: قدم علينا معمر وشريك واسطا، وكان شريك أرجح عندنا منه.

أَخْبَرَنَا محمد بن عبد الواحد الأكبر، قال: أَخْبَرَنَا الوليد بن بكر الأندلسي، قال: حَدَّثَنَا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي، قال: حَدَّثَنَا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي، قال: حَدَّثَنِي أبي، قال: شريك بن عبد الله النخعي القاضي كوفي ثقة، وكان حسن الحديث، وكان أروى الناس عنه إسحاق بن يوسف الأزرق الواسطي، سمع منه تسعة آلاف حديث.

أَخْبَرَنَا الجوهري، قال: حَدَّثَنَا عمر بن إبراهيم المقرئ، قال: حَدَّثَنَا محمد بن إسماعيل الأبلي، قال: حَدَّثَنَا أحمد بن عمار بن خالد الواسطي، قال: سمعت سعيد بن سليمان، يقول لابن أبي سمينة: ارو عني هذا، أنا سمعت ابن المبارك يقول: شريك أعلم بحديث الكوفة من سفيان.

أَخْبَرَنِي أبو الوليد الدربندي، قال: أَخْبَرَنَا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ، ببخارى، قال: أَخْبَرَنَا أبو نصر أحمد بن سهل بن حمدويه، قال: سمعت أبا علي صالح بن محمد البغدادي، يقول: سمعت سعدويه، يقول: سمعت ابن المبارك، يقول: كان شريك أحفظ لحديث الكوفيين من سفيان، يعني: الثوري.

أَخْبَرَنَا الأزهري، قال: أَخْبَرَنَا عبيد الله بن عثمان بن يحيى، قال: أَخْبَرَنَا مكرم بن أحمد، قال: حَدَّثَنِي يزيد بن الهيثم البادا، قال: قلت ليحيى بن معين: زعم إسحاق بن أبي إسرائيل أن شريكا أروى عن الكوفيين من سفيان، وأعرف بحديثهم؟ فقال: ليس يقاس بسفيان أحد، ولكن شريك أروى منه في بعض المشايخ، الركين، والعباس بن ذريح، وبعض مشايخ الكوفيين، يعني: أكثر كتابا.

قلت ليحيى: فروى يحيى بن سعيد القطان عن شريك؟ قال: لم يكن شريك عند يحيى بشيء، وهو ثقة ثقة.

قال يزيد بن الهيثم وسمعت يحيى يقول: شريك ثقة، وهو أحب إلي من أبي الأحوص وجرير، ليس يقاسون هؤلاء بشريك، وهو يروي عن قوم لم يرو عنهم سفيان.

أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي، قال: أَخْبَرَنَا عبيد الله بن محمد بن إسحاق البزاز، قال: حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد البغوي، قال: حَدَّثَنَا عباس، قال: قيل ليحيى: شريك أثبت أو أبو الأحوص؟ قال: شريك.

أَخْبَرَنَا البرقاني، قال: أَخْبَرَنَا بشر بن أحمد الإسفراييني، قال: سمعت أبا يعلى الموصلي، يقول: وأَخْبَرَنَا أبو الحسين محمد بن عبد الرحمن بن عثمان التميمي، بدمشق، قال: أَخْبَرَنَا أبو بكر يوسف بن القاسم القاضي الميانجي، قال: حَدَّثَنَا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي، قال: سمعت يحيى بن معين، قيل له: أيما أحب إليك، شريك، أو أبو الأحوص؟ فقال: شريك أحب إلي.

أَخْبَرَنَا أبو بكر أحمد بن محمد الأشناني، قال: سمعت أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي، يقول: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي، يقول: قلت ليحيى بن معين: فشريك أحب إليك فيه، يعني: في أبي إسحاق، أو إسرائيل؟ فقال: شريك أحب إلي وهو أقدم، وإسرائيل صدوق.

قلت: فشريك أحب إليك في منصور، أو أبو الأحوص؟ فقال: شريك أعلم به.

قال عثمان: أراه قال: وكم روى أبو الأحوص عن منصور؟ أَخْبَرَنَا يوسف بن رباح البصري، قال: أَخْبَرَنَا أحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس، بمصر، قال: حَدَّثَنَا أبو بشر الدولابي، قال: حَدَّثَنَا أبو عبيد الله معاوية بن صالح، عن يحيى بن معين، قال: شريك بن عبد الله هو صدوق ثقة، إلا أنه إذا خولف فغيره أحب إلينا منه.

قال أبو عبيد الله: وسمعت من أحمد شبيها بذلك.

أَخْبَرَنَا ابن الفضل، قال: أَخْبَرَنَا عبد الله بن جعفر، قال: حَدَّثَنَا يعقوب، قال: قال الفضل: وسئل أبو عبد الله عن شريك وإسرائيل عن أبي إسحاق أيهما أحب إليك؟ فقال: شريك أحب إلي لأن شريكا أقدم سماعا من أبي إسحاق، وأما المشايخ فإسرائيل، قال: وشريك أكبر من سفيان.

وقال يعقوب: قال أبو طالب: قال أبو عبد الله: شريك أقدم من إسرائيل وزهير، وذاك أنه أسنهم.

أَخْبَرَنَا البرقاني، قال: أَخْبَرَنَا الحسين بن علي التميمي، قال: حَدَّثَنَا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني، قال: حَدَّثَنَا أبو بكر المروذي، قال: قلت، يعني: لأحمد بن حنبل: يحيى القطان أيش كان يقول في شريك؟ قال: كان لا يرضاه، وما ذكر عنه إلا شيئا على المذاكرة حديثين.

أَخْبَرَنَا البرقاني، قال: أَخْبَرَنَا بشر الإسفراييني، قال: سمعت أبا يعلى الموصلي، يقول: قيل لأبي زكريا يحيى بن معين.

وأَخْبَرَنَا محمد بن عبد الرحمن التميمي، قال: أَخْبَرَنَا يوسف بن القاسم الميانجي، قال: حَدَّثَنَا أبو يعلى، قال: وسئل يحيى بن معين: روى يحيى القطان عن شريك؟ فقال: لا، لم يرو عن شريك، ولا عن إسرائيل.

ثم قال: شريك ثقة، إلا أنه كان لا يتقن ويغلط.

زاد الميانجي: ويذهب بنفسه على سفيان وشعبة.

أَخْبَرَنَا أبو الفتح منصور بن ربيعة الزهري الخطيب بالدينور، قال: أَخْبَرَنَا علي بن أحمد بن علي بن راشد، قال: أَخْبَرَنَا أحمد بن يحيى بن الجارود، قال: قال علي ابن المديني: شريك أعلم من إسرائيل، وإسرائيل أقل خطأ منه.

وذكر عن شريك، قال: كان عسرا في الحديث.

وإنما كان حديث شريك وقع بواسط، قدم عليهم في حفر نهر، فحمل عنه إسحاق الأزرق.

وغيره قال علي: إن شريكا، قال: صليت مع أبي إسحاق ألف غداة.

قال علي: وكان يحيى بن سعيد حمل عن شريك قديما، وكان لا يحدث عنه، وكان ربما ذكرها على التعجب فكان بعضهم يحملها عنه.

أَخْبَرَنَا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن علي السوذرجاني بأصبهان، قال: أَخْبَرَنَا أبو بكر ابن المقرئ، قال: حَدَّثَنَا محمد بن الحسن بن علي بن بحر، قال: حَدَّثَنَا أبو حفص عمرو بن علي، قال: كان يحيى لا يحدث عن إسرائيل، ولا عن شريك، وكان عبد الرحمن يحدث عنهما.

أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ، قال: حَدَّثَنَا محمد بن أحمد بن الحسين، قال: حَدَّثَنَا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قال: حَدَّثَنَا علي بن عبد الله المديني، قال: قال يحيى بن سعيد: قدم شريك مكة، فقيل لي: لو أتيته؟ فقلت: لو كان بين يدي ما سألته عن شيء، وضعف حديثه جدا.

قال يحيى: أتيته بالكوفة فإذا هو لا يدري.

أَخْبَرَنَا أحمد بن أبي جعفر، قال: أَخْبَرَنَا محمد بن عدي البصري، في كتابه، قال: حَدَّثَنَا أبو عبيد محمد بن علي الآجري، قال: سمعت أبا داود، يقول: شريك ثقة، يخطئ على الأعمش، زهير وإسرائيل فوقه.

أَخْبَرَنَا الحسن بن أبي بكر، قال: كتب إلي محمد بن إبراهيم الجوري أن عبدان بن أحمد بن أبي صالح الهمداني، حدثهم، قال: سمعت أبا حاتم الرازي، يقول: شريك لا يحتج بحديثه.

حَدَّثَنَا عبد العزيز بن أحمد بن علي الكتاني، لفظا بدمشق، قال: حَدَّثَنَا عبد الوهاب بن جعفر الميداني، قال: حَدَّثَنَا أبو هاشم عبد الجبار بن عبد الصمد السلمي، قال: حَدَّثَنَا القاسم بن عيسى العصار، قال: حَدَّثَنَا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، قال: شريك بن عبد الله سيئ الحفظ، مضطرب الحديث، مائل.

أَخْبَرَنَا ابن الفضل، قال: أَخْبَرَنَا دعلج، قال: أَخْبَرَنَا أحمد بن علي الأبار، قال: حَدَّثَنَا محمد بن يحيى، قال: سمعت أبا الوليد، يقول: كان شريك يحدث بشيء يسبق إلى نفسه، لا يرجع إلى كتاب.

أَخْبَرَنَا البرقاني، والأزهري، قالا: أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن عمر، قال: حَدَّثَنَا محمد بن أحمد بن يعقوب، قال: حَدَّثَنَا جدي، قال: شريك بن عبد الله ثقة صدوق، صحيح الكتاب، رديء الحفظ مضطربه.

أنبأنا محمد بن أحمد بن عبد الله الكاتب، قال: أَخْبَرَنَا أبو مسلم بن مهران، قال: قرأت على محمد بن طالب بن علي فأقر به، قال: قال أبو علي صالح بن محمد: شريك صدوق، ولما ولي القضاء اضطرب حفظه، وقلما يحتاج إليه في الحديث الذي يحتج به.

أَخْبَرَنَا محمد بن عبد الواحد، قال: أَخْبَرَنَا محمد بن العباس، قال: أَخْبَرَنَا أحمد بن سعيد بن مرابا، قال: حَدَّثَنَا عباس بن محمد، قال: سمعت يحيى بن معين، يقول: قال أبو عبيد الله وزير المهدي لشريك القاضي أردت أن أسمع منك أحاديث؟ فقال: قد اختلطت علي أحاديثي وما أدري كيف هي، فألح عليه أبو عبيد الله، فقال: حدثنا بما تحفظ، ودع ما لا تحفظ، فقال: أخاف أن تجرح أحاديثي ويضرب بها وجهي.

أَخْبَرَنَا حمزة بن محمد بن طاهر، قال: أَخْبَرَنَا أحمد بن إبراهيم، قال: حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد البغوي، قال: حَدَّثَنَا أحمد بن زهير، قال: حَدَّثَنَا يحيى بن أيوب، قال: كنا عند شريك يوما فظهر من أصحاب الحديث جفاء فانتهر بعضهم، فقال له رجل: يا أبا عبد الله، لو رفقت، فوضع شريك يده على ركبة الشيخ وقال: النبل عون على الدين.

وقال البغوي: حَدَّثَنِي أحمد بن زهير، قال: حَدَّثَنَا سليمان بن أبي شيخ، قال: قال شريك بن عبد الله لبعض إخوانه: أكرهت على القضاء، قال له: فأكرهت على أخذ الرزق؟ قال ابن أبي شيخ: وَحَدَّثَنِي عبد الله بن صالح بن مسلم، قال: كان شريك على قضاء الكوفة، فخرج يتلقى الخيزران، فبلغ شاهي وأبطأت الخيزران، فأقام ينتظرها ثلاثا ويبس خبزه، فجعل يبله بالماء ويأكله، فقال العلاء بن المنهال:

فإن كان الذي قد قلت حقا بأن قد أكرهوك على القضاء

فمالك موضعا في كل يوم تلقى من يحج من النساء

مقيما في قرى شاهي ثلاثا بلا زاد سوى كسر وماء

أَخْبَرَنَا علي بن محمد بن عبد الله المعدل، قال: أَخْبَرَنَا عثمان بن أحمد الدقاق، قال: حَدَّثَنَا محمد بن أحمد بن البراء، قال: حَدَّثَنَا يزيد بن محمد بن فضيل، قال: سمعت أبا نعيم، قال: هجا رجل شريكا، فقال في ذلك:

فهلا فررت وهلا اغتربت إلى بلد به المحشر

كما فر سفيان من قومه إلى بلد الله والمشعر

فلاذ برب له مانع ومن يحفظ الله لا يخفر

أراك ركنت إلى الازرقي ولبس العمامة والمنظر

فبخ بخ من مثلكم يا شريك إذا ما علوت على المنبر

وقد طرحوا لك حتى لقطت كما يلقط الطير في الأندر

أَخْبَرَنَا أبو الفرج محمد بن عمر بن يونس الجصاص، قال: حَدَّثَنَا محمد بن أحمد بن الحسن ابن الصواف، قال: وجدت في كتابنا عن أبي العباس بن مسروق ما يدل حاله على السماع قال: سمعت أبا كريب، يقول: سمعت يحيى بن يمان، يقول: لما ولي شريك القضاء أكره على ذلك، وأقعد معه جماعة من الشرط يحفظونه، ثم طاب للشيخ فقعد من نفسه، فبلغ الثوري أنه قعد من نفسه، فجاء فتراءى له، فلما رأى الثوري قام إليه فعظمه وأكرمه.

ثم قال: يا أبا عبد الله، هل من حاجة؟ قال: نعم مسألة، قال: أوليس عندك من العلم ما يجزيك، قال: أحببت أن أذكرك بها، قال: قل، قال: ما تقول في امرأة جاءت فجلست على باب رجل، ففتح الرجل الباب، فاحتملها ففجر بها، لمن تحد منهما؟ فقال له: دونها، لأنها مغصوبة، قال: فإنه لما كان من الغد جاءت فتزينت وتبخرت وجلست على ذلك الباب، ففتح الباب الرجل فرآها فاحتملها ففجر بها، لمن تحد منهما؟ قال: أحدهما جميعا، لأنها جاءت من نفسها وقد عرفت الخبر بالأمس، قال: أنت كان عذرك حيث كان الشرط يحفظونك، اليوم أي عذر لك؟ قال: يا أبا عبد الله، أكلمك؟ قال: ما كان الله ليراني أكلمك أو تتوب، قال: ووثب فلم يكلمه حتى مات.

وكان إذا ذكره قال: أي رجل كان لو لم يفسدوه، قال أبو كريب: أظن الثوري شم منه رائحة البخور، يعني قال: وتبخرت، يعني المرأة.

أَخْبَرَنَا علي بن محمد بن حبيب البصري، قال: حَدَّثَنَا محمد بن المعلى الأزدي، بالبصرة، قال: أَخْبَرَنَا أبو روق الهزاني، قال: حَدَّثَنَا الرياشي، قال: حَدَّثَنَا محمد بن العباس السعدي، قال: حَدَّثَنَا عبد الله بن إسحاق، قال: كان شريك بن عبد الله على قضاء الكوفة، فحكم على وكيل عبد الله بن مصعب بحكم لم يوافق هوى عبد الله، فالتقى شريك بن عبد الله وعبد الله بن مصعب ببغداد، فقال عبد الله بن مصعب لشريك: ما حكمت على وكيلي بالحق.

قال: ومن أنت؟ قال: من لا تنكر، قال: فقد نكرتك أشد النكير، قال: أنا عبد الله بن مصعب، قال: لا كثير، ولا طيب، قال: وكيف لا تقول هذا وأنت تبغض الشيخين، قال: ومن الشيخان؟ قال: أبو بكر، وعمر، قال: والله ما أبغض أباك وهو دونهما، فكيف أبغضهما؟ حَدَّثَنِي الصوري، قال: أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن عمر التجيبي، قال: أَخْبَرَنَا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد، قال: حَدَّثَنَا علي بن سهل، قال: حَدَّثَنَا أزهر بن عمير، قال: استأذن شريك علي يحيى بن خالد وعنده رجل من ولد الزبير بن العوام، فقال الزبيري ليحيى بن خالد: أصلح الله الأمير ائذن لي في كلام شريك، فقال: إنك لا تطيقه، قال: ائذن لي في كلامه، قال: شأنك، فلما دخل شريك وجلس.

قال له الزبيري: يا أبا عبد الله، إن الناس يزعمون أنك تسب أبا بكر وعمر؟ قال: فأطرق مليا ثم رفع رأسه، فقال: والله ما استحللت ذاك من أبيك، وكان أول من نكث في الإسلام، كيف أستحله من أبي بكر وعمر.

أَخْبَرَنَا حمزة بن محمد بن طاهر، قال: حَدَّثَنَا الوليد بن بكر، قال: حَدَّثَنَا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي، قال: حَدَّثَنَا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله، قال: حَدَّثَنِي أبي أحمد، قال: حَدَّثَنِي أبي عبد الله، قال: جاء حماد بن أبي حنيفة إلى شريك ليشهد عنده شهادة.

فقال له شريك: الصلاة من الإيمان؟ قال حماد: لم نجئ لهذا، قال له شريك: لكنا نبدأ بهذا، قال: نعم، هي من الإيمان، قال: ثم تشهد الآن.

فقال له أصحابه: تركت قولك، قال: أفأتعرض لهذا فيجبهني، أنا أعلم أنه لا يجيز شهادتي، ولكن يردها ردا حسنا.

قال: وقال حماد بن أبي حنيفة: كنت أجالس شريكا، فكنت أتحرز منه، فالتفت إلي يوما، فقال: أظنك تجالسنا بأحسن ما عندك.

أَخْبَرَنَا علي بن عبد العزيز الطاهري، قال: أَخْبَرَنَا علي بن عبد الله بن العباس بن العباس بن المغيرة الجوهري، قال: حَدَّثَنَا أحمد بن سعيد الدمشقي، قال: حَدَّثَنَا الزبير بن بكار.

وأَخْبَرَنَا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري، قال: حَدَّثَنَا المعافى بن زكريا، قال: حَدَّثَنَا محمد بن مزيد الخزاعي، قال: حَدَّثَنَا الزبير، قال: حَدَّثَنِي مصعب بن عبد الله، عن عمر بن الهياج بن سعيد أخي مجالد بن سعيد، قال: كنت من صحابة شريك، فأتيته يوما وهو في منزله باكرا، فخرج إلي في فرو ليس تحته قميص، عليه كساء.

فقلت له: قد أضحت عن مجلس الحكم، فقال: غسلت ثيابي أمس فلم تجف، فأنا أنتظر جفوفها، اجلس.

فجلست فجعلنا نتذاكر باب العبد يتزوج بغير إذن مواليه، فقال: ما عندك فيه؟ ما تقول فيه؟ وكانت الخيزران قد وجهت رجلا نصرانيا على الطراز بالكوفة، وكتبت إلى موسى بن عيسى أن لا يعصي له أمرا، فكان مطاعا بالكوفة، فخرج علينا ذلك اليوم من زقاق يخرج إلى النخع، معه جماعة من أصحابه عليه جبة خز، وطيلسان على برذون فاره، وإذا رجل بين يديه مكتوف وهو يقول: واغوثا بالله، أنا بالله ثم بالقاضي، وإذا آثار سياط في ظهره، فسلم على شريك وجلس إلى جانبه، فقال الرجل المضروب: أنا بالله ثم بك أصلحك الله، أنا رجل أعمل هذا الوشي، كراء مثلي مائة في الشهر، أخذني هذا مذ أربعة أشهر، فاحتبسني في طراز يجري علي القوت، وعلي عيال قد ضاعوا، فأفلت اليوم منه، فلحقني ففعل بظهري ما ترى.

فقال: قم يا نصراني فاجلس مع خصمك، فقال: أصلحك الله يا أبا عبد الله هذا من خدم السيدة، مر به إلى الحبس، قال: قم ويلك فاجلس معه كما يقال لك، فجلس، فقال: ما هذه الآثار التي بظهر هذا الرجل من أثرها به قال: أصلح الله القاضي إنما ضربته أسواطا بيدي وهو يستحق أكثر من هذا، مر به إلى الحبس، فألقى شريك كساءه ودخل داره، فأخرج سوطا ربذيا، ثم ضرب بيده إلى مجامع ثوب النصراني وقال للرجل: انطلق إلى أهلك، ثم رفع السوط فجعل يضرب به النصراني، وهو يقول له: يا صبحي قد مر قفا جمل، لا يضرب والله المسلم بعدها أبدا، فهم أعوانه أن يخلصوه من يديه، فقال: من هاهنا من فتيان الحي؟ خذوا هؤلاء فاذهبوا بهم إلى الحبس، فهرب القوم جميعا، وأفردوا النصراني فضربه أسواطا، فجعل النصراني يعصر عينيه ويبكي ويقول له: ستعلم.

فألقى السوط في الدهليز، وقال: يا أبا حفص ما تقول في العبد يتزوج بغير إذن مواليه؟ وأخذ فيما كنا فيه كأنه لم يصنع شيئا، وقام النصراني إلى البرذون ليركبه فاستعصى عليه، ولم يكن له من يأخذ بركابه، فجعل يضرب البرذون، قال: يقول له شريك: ارفق به ويلك فإنه أطوع لله منك، فمضى.

قال: يقول هو: خذ بنا فيما كنا فيه، قال: قلت: ما لنا ولذا، قد والله فعلت اليوم فعلة ستكون لها عاقبة مكروهة.

قال: أعز أمر الله يعزك الله، خذ بنا فيما نحن فيه، قال: وذهب النصراني إلى موسى بن عيسى فدخل عليه، فقال: من بك؟ وغضب الأعوان وصاحب الشرط، فقال: شريك فعل بي كيت وكيت، قال: لا والله ما أتعرض لشريك.

فمضى النصراني إلى بغداد فما رجع.

أَخْبَرَنَا علي بن عبد العزيز الطاهري، قال: أَخْبَرَنَا علي بن عبد الله بن المغيرة، قال: حَدَّثَنَا أحمد بن سعيد الدمشقي.

وأَخْبَرَنَا القاضي أبو الطيب الطبري، قال: حَدَّثَنَا المعافى بن زكريا، قال: حَدَّثَنَا محمد بن مزيد الخزاعي، قالا: حَدَّثَنَا الزبير، قال: حَدَّثَنِي عمي عن عمر بن الهياج بن سعيد، قال: أتته امرأة يوما، يعني: شريكا، من ولد جرير بن عبد الله البجلي صاحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في مجلس الحكم، فقالت: أنا بالله ثم بالقاضي، امرأة من ولد جرير بن عبد الله صاحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورددت الكلام، فقال: إيها عنك الآن، من ظلمك؟ فقالت: الأمير موسى بن عيسى، كان لي بستان على شاطئ الفرات لي فيه نخل ورثته عن آبائي وقاسمت إخوتي، وبنيت بيني وبينهم حائطا، وجعلت فيه فارسيا في بيت يحفظ النخل، ويقوم ببستاني، فاشترى الأمير موسى بن عيسى من إخوتي جميعا، وساومني وأرغبني فلم أبعه، فلما كان في هذه الليلة بعث بخمس مائة فاعل فاقتلعوا الحائط، فأصبحت لا أعرف من نخلي شيئا، واختلط بنخل إخوتي، فقال: يا غلام طينة، فختم، ثم قال لها: امضي إلى بابه حتى يحضر معك، فجاءت المراة بالطينة فأخذها الحاجب، ودخل على موسى، فقال: أعدى شريك عليك، قال: ادع لي صاحب الشرط، فدعا به، فقال: امض إلى شريك، فقل: يا سبحان الله، ما رأيت أعجب من أمرك، امرأة ادعت دعوى لم تصح أعديتها علي، قال: يقول له صاحب الشرط، إن رأى الأمير أن يعفيني فليفعل، فقال: امض ويلك.

فخرج فأمر غلمانه أن يتقدموا إلى الحبس بفراش وغيره من آلة الحبس، فلما جاء فوقف بين يدي شريك، فأدى الرسالة، قال: خذ بيده فضعه في الحبس، قال: قد والله يا أبا عبد الله عرفت أنك تفعل بي هذا، فقدمت ما يصلحني إلى الحبس، وبلغ موسى بن عيسى، يعني: الخبر، فوجه الحاجب إليه، فقال: هذا من ذاك رسول، أي شيء عليه؟ فلما وقف بين يديه وأدى الرسالة، قال: ألحقه بصاحبه، فحبس، فلما صلى الأمير العصر بعث إلى إسحاق بن الصباح الأشعثي، وجماعة من وجوه الكوفة من أصدقاء شريك، فقال: امضوا إليه فأبلغوه السلام، وأعلموه أنه قد استخف بي، وأني لست كالعامة، فمضوا وهو جالس في مسجده بعد العصر، فدخلوا فأبلغوه الرسالة، فلما انقضى كلامهم، قال لهم: ما لي لا أراكم جئتم في غيره من الناس كلمتموني؟ من هاهنا من فتيان الحي، فيأخذ كل واحد منكم بيد رجل فيذهب به إلى الحبس، لا بتم والله إلا فيه قالوا: أجاد أنت؟ قال: حقا حتى لا تعودوا برسالة ظالم، فحبسهم، وركب موسى بن عيسى في الليل إلى باب الحبس، ففتح الباب وأخرجهم جميعا، فلما كان الغد وجلس شريك للقضاء، جاء السجان فأخبره فدعا بالقمطر فختمها، ووجه بها إلى منزله، وقال لغلامة: الحقني بثقلي إلى بغداد، والله ما طلبنا هذا الأمر منهم، ولكن أكرهونا عليه، ولقد ضمنوا لنا الإعزاز فيه إذ تقلدناه لهم.

ومضى نحو قنطرة الكوفة إلى بغداد، وبلغ موسى بن عيسى الخبر فركب في موكبه فلحقه، وجعل يناشده الله ويقول: يا أبا عبد الله، تثبت، انظر إخوانك تحبسهم دع أعواني.

قال: نعم، لأنهم مشوا لك في أمر لم يجب عليهم المشي فيه، ولست ببارح أو يردوا جميعا إلى الحبس، وإلا مضيت إلى أمير المؤمنين فاستعفيته مما قلدني.

وأمر بردهم جميعا إلى الحبس وهو والله واقف في مكانه حتى جاءه السجان، فقال: قد رجعوا إلى الحبس، فقال لأعوانه: خذوا بلجامه، قودوه بين يدي جميعا إلى مجلس الحكم، فمروا به بين يديه حتى أدخل المسجد، وجلس مجلس القضاء ثم قال: الجويرية المتظلمة من هذا، فجاءت، فقال: هذا خصمك قد حضر وهو جالس معها بين يديه، فقال: أولئك يخرجون من الحبس قبل كل شيء، قال: أما الآن فنعم، أخرجوهم.

قال: ما تقول فيما تدعيه هذه؟ قال: صدقت.

قال: فرد جميع ما أخذ منها، وتبني حائطها في وقت واحد سريعا كما هدم.

قال: أفعل، قال: بقي لك شيء؟ قال: تقول المرأة بيت الفارسي ومتاعه، قال: يقول: موسى بن عيسى: ويرد ذلك، بقي لك شيء تدعينه؟ قالت: لا، وجزاك الله خيرا.

قال: قومي، وزبرها، ثم وثب من مجلسه فأخذ بيد موسى بن عيسى فأجلسه في مجلسه ثم قال: السلام عليك أيها الأمير، تأمر بشيء؟ قال: أي شيء آمر؟ وضحك.

أَخْبَرَنَا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري، قال: حَدَّثَنَا المعافى بن زكريا، قال: حَدَّثَنَا محمد بن القاسم الأنباري، قال: حَدَّثَنِي محمد بن المرزبان، قال: حَدَّثَنَا أبو بكر العامري، قال: حَدَّثَنَا مصعب بن عبد الله الزبيري، قال: حَدَّثَنِي أبي، قال: تقدم إلى شريك بن عبد الله وكيل لمؤنسة مع خصم له فجعل يستطيل على خصمه إدلالا بموضعه من مؤنسة، فقال له شريك: كف لا أبا لك، قال: أتقول لي هذا وأنا وكيل مؤنسة، فأمر به فصفع عشر صفعات، فانصرف ودخل على مؤنسة وشكى، فكتبت مؤنسة إلى المهدي، فعزل شريكا، وكان قبل هذا قد دخل شريك على المهدي، فقال له: ما ينبغي أن تقلد الحكم بين المسلمين.

قال: ولم؟ قال: لخلافك على الجماعة، وقولك بالإمامة.

قال: أما قولك: بخلافك على الجماعة، فعن الجماعة أخذت ديني، فكيف أخالفهم وهم أصلي في ديني، وأما قولك: وقولك بالإمامة فما أعرف إلا كتاب الله، وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وأما قولك مثلك ما يقلد الحكم بين المسلمين، فهذا شيء أنتم فعلتموه، فإن كان خطأ فاستغفروا الله منه، وإن كان صوابا فأمسكوا عليه.

قال: ما تقول في علي بن أبي طالب؟ قال: ما قال فيه جدك العباس، وعبد الله.

قال: وما قالا فيه؟ قال: فأما العباس فمات وعلي عنده أفضل الصحابة، وقد كان يرى كبراء المهاجرين يسألونه عما ينزل من النوازل، وما احتاج هو إلى أحد حتى لحق بالله، وأما عبد الله فإنه كان يضرب بين يديه بسيفين، وكان في حروبه رأسا متبعا، وقائدا مطاعا، فلو كانت إمامة علي جورا كان أول من يقعد عنها أبوك، لعلمه بدين الله، وفقهه في أحكام الله.

فسكت المهدي وأطرق، ولم يمض بعد هذا المجلس إلا قليل حتى عزل شريك.

أَخْبَرَنَا أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد، قال: أَخْبَرَنَا الوليد بن بكر الأندلسي، قال: حَدَّثَنَا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي، قال: حَدَّثَنَا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي، قال: حَدَّثَنِي أبي، قال: حَدَّثَنِي أبي عبد الله، قال: قدم هارون الكوفة يعزل شريكا عن القضاء، وكان موسى بن عيسى واليا على الكوفة.

فقال موسى لشريك: ما صنع أمير المؤمنين بأحد ما صنع بك، عزلك عن القضاء، فقال له شريك: هم أمراء المؤمنين يعزلون القضاة، ويخلعون ولاة العهود، فلا يعاب ذلك عليهم.

فقال موسى: ما ظننت أنه مجنون هكذا، لا يبالي ما تكلم به.

وكان أبوه عيسى بن موسى ولي العهد بعد أبي جعفر، فخلعه بمال أعطاه إياه، وهو ابن عم أبي جعفر.

وقال أبو مسلم: حَدَّثَنِي أبي، قال: حَدَّثَنِي أبي عبد الله، قال: قدم شريك بالبصرة فأبى أن يحدثهم، فاتبعوه حين خرج وجعلوا يرجمونه بالحجارة في السفينة، ويقولون له: يا ابن قاتل الحسين، رحم الله طلحة والزبير، وهو يقول لهم: يا أبناء الظئورات، ويا أبناء السنائخ، لا سمعتم مني حرفا، فقال له ابنه: ألا تستعدي السلطان عليهم؟ قال: أوعجزنا عنهم.

وقال: أبو مسلم: حَدَّثَنِي أبي، قال: كان شريك يختلف إلى باب الخليفة ببغداد، فجاء يوما فوجدوا منه ريح نبيذ، فقال بعضهم: نشم رائحة أبا عبد الله.

قال: مني مني، قالوا: لو كان هذا منا لأنكر علينا، قال: لأنكما مريبان.

قال: وبعث إليه بمال يقسمه بالكوفة، فأشاروا عليه أن يسوي بين الناس، فأبى فأعطى العربي اثني عشر، وأعطى الموالي ثمانية، وأعطى من حسن إسلامه أربعة، فأراد الموالي أن يقوموا عليه، فقال لهم: أنتم لا سبيل لكم علي، كان الناس في القسمة سواء ثمانية ثمانية، فقد أعطيتكم ثمانية، وأخذت من حق هؤلاء فزدته العرب يتقوون به على حاجتهم، فدعوني مع هؤلاء، فخرج أولئك الذين أعطاهم أربعة أربعة، فما برحوا حتى عزلوه، وركب أهل الأربعة إلى بغداد حتى عزلوه.

أَخْبَرَنَا أحمد بن محمد العتيقي، قال: حَدَّثَنَا محمد بن العباس، قال: حَدَّثَنَا محمد بن خلف بن المرزبان، قال: أَخْبَرَنِي أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي، قال: أَخْبَرَنِي أبي، قال: كان شريك القاضي لا يجلس حتى يتغدى ويشرب أربعة أرطال نبيذ، ثم يأتي المسجد فيصلي ركعتين، ثم يخرج رقعة من قمطره فينظر فيها، ثم يدعو بالخصوم، وإنما كان يقدمهم الأول فالأول، ولم يكن يقدمهم برقاع، قال: فقيل لابن شريك: يجب أن نعلم ما في هذه الرقعة.

قال: فنظر فيها ثم أخرجها إلينا فإذا فيها: يا شريك بن عبد الله، اذكر الصراط وحدته، يا شريك بن عبد الله اذكر الموقف بين يدي الله تعالى، ثم يدعو بالخصوم.

أَخْبَرَنَا أبو علي محمد بن الحسين الجازري، قال: حَدَّثَنَا المعافى بن زكريا القاضي، قال: حَدَّثَنَا محمد بن مزيد الخزاعي، قال: حَدَّثَنَا الزبير، هو ابن بكار، قال: حَدَّثَنِي عمي مصعب بن عبد الله، عن جدي عبد الله بن مصعب، قال: حضرت شريكا في مجلس أبي عبيد الله، وعنده الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب والجريري، رجل من ولد جرير وكان خطيبا للسلطان، فتذاكروا الحديث في النبيذ واختلافهم فيه، فقال شريك: حَدَّثَنَا أبو إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي، عن عمر بن الخطاب، قال: إنا ناكل من لحوم هذه الإبل، ونشرب عليها من النبيذ ليقطعها في أجوافنا وبطوننا.

فقال الحسن بن زيد: {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ}.

فقال شريك: أجل، والله ما سمعته، شغلك عن ذلك الجلوس على الطنافس في صدور المجالس، ثم سكت.

فتذاكر القوم الحديث في النبيذ، فقال أبو عبيد الله: أبا عبد الله حدث القوم بما سمعت في النبيذ فقال: كلا، الحديث أعز على أهله من أن يعرض للتكذيب، على من يرد، على أبي إسحاق الهمداني، أم على عمرو بن ميمون الأودي؟ أَخْبَرَنَا الجوهري، قال: أَخْبَرَنَا محمد بن العباس، قال: حَدَّثَنَا محمد بن القاسم الكوكبي، قال: حَدَّثَنَا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد، قال: سمعت يحيى بن معين، يقول: قال المهدي لشريك: كأني أرى رأس زنديق يضرب الساعة.

فقال شريك: يا أمير المؤمنين إن للزنادقة علامات، تركهم الجماعات، وشربهم القهوات، وتخلفهم عن الجمعات.

فقال المهدي: يا أبا عبد الله، لم نعنك بهذا.

قال يحيى بن معين: وجده حاضر الجواب.

أَخْبَرَنَا محمد بن أحمد بن رزق، قال: أَخْبَرَنَا عثمان بن أحمد، قال: حَدَّثَنَا حنبل بن إسحاق، قال: سمعت أبا عبد الله، يقول: مات شريك سنة سبع وسبعين.

أَخْبَرَنَا الحسن بن الحسين بن العباس، قال: أَخْبَرَنَا جدي إسحاق بن محمد النعالي، قال: أَخْبَرَنَا عبد الله بن إسحاق المدائني، قال: حَدَّثَنَا قعنب بن المحرر.

وأَخْبَرَنَا ابن الفضل، قال: أَخْبَرَنَا جعفر الخلدي، قال: حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله الحضرمي، قال: حَدَّثَنَا ابن نمير، قالا: مات شريك سنة سبع وسبعين ومائة.

أَخْبَرَنَا أبو سعيد بن حسنويه، قال: أَخْبَرَنَا عبد الله بن محمد بن جعفر، قال: حَدَّثَنَا عمر بن أحمد الأهوازي، قال: حَدَّثَنَا خليفة بن خياط، قال: وشريك بن عبد الله مات سنة سبع أو ثمان وسبعين ومائة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015