3470 - بشر بن الحارث بن عبد الرحمن بن عطاء بن هلال بن ماهان بن عبد الله أبو نصر المعروف بالحافي مروزي، سكن بغداد، وهو ابن عم علي بن خشرم، وكان ممن فاق أهل عصره في الورع والزهد، وتفرد بوفور العقل، وأنواع الفضل، وحسن الطريقة، واستقامة المذهب، وعزوف النفس، وإسقاط الفضول، وسمع: إبراهيم بن سعد الزهري، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وحماد بن زيد، وشريك بن عبد الله، والمعافى بن عمران الموصلي، وعبد الله بن المبارك، وعلي بن مسهر، وعيسى بن يونس، وعبد الله بن داود الخريبي، وأبا معاوية الضرير، وزيد بن أبي الزرقاء.
وكان كثير الحديث إلا أنه لم ينصب نفسه للرواية، وكان يكرهها، ودفن كتبه لأجل ذلك، وكل ما سمع منه فإنما هو على سبيل المذاكرة، روى عنه: نعيم بن الهيصم، وابنه محمد بن نعيم، وإبراهيم بن هاشم بن مشكان، ونصر بن منصور البزاز، ومحمد بن المثنى السمسار، وسري السقطي، وإبراهيم بن هانئ النيسابوري، وعمر بن موسى الجلاء، وغيرهم.
أخبرنا الحسين بن أبي الحسن الوراق، قال: حدثنا عمر بن أحمد بن عثمان، قال: سمعت عبد الله بن سليمان، يقول: قلت لعلي بن خشرم لما أخبرني أن سماعه، وسماع بشر بن الحارث من عيسى واحد، قلت: فأين حديث Q Q أم زرع؟ فقال: سماعي معه، وكتبت إليه أن يوجه به إليّ فكتب إلي: هل عملت بما عندك حتى تطلب ما ليس عندك؟! قال علي: وولد بشر في هذه القرية وهي مرو، وكان بشر يتفتى في أول أمره، وقد جرح.
(2246) -[7: 546] أَخْبَرَنِي أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، قِرَاءَةً، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ جَعْفَرٍ الدَّنَانِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّنْدَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى السِّمْسَارُ، قَالَ: سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْعَوْفِيَّ يَذْكُرُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " اتَّخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا فَلَبِسَهُ، ثُمَّ أَلْقَاهُ "، الْعَوْفِيُّ: هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ
(2247) -[7: 546] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَوْحٍ النَّهْرَوَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ المقرئ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ جَعْفَرٍ الْبَزَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَمْرٍو الْقُومِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَلاثٌ لا يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ الْحِجَامَةُ، وَالاحْتِلامُ، وَالْقَيْءُ "
(2248) سمعت محمد بن أحمد بن رزق، يقول: سمعت حبيب بن الحسن القزاز، يقول: سمعت أحمد بن محمد بن مسروق، يقول: سمعت محمد بن المثني، يقول: سمعت بشر بن الحارث، يقول: سمعت حجاج بن منهال، يقول: سمعت حماد بن سلمة، يقول: سمعت عاصما، يقول: سمعت زرا، يقول: سمعت أبا جحيفة، يقول: خطبنا علي بن أبي طالب على منبر الكوفة، فقال: ألا إن خير الناس بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو بكر، ثم عمر، ولو شئت أن أخبركم بثالث لأخبرتكم، قال: فنزل عن المنبر وهو يقول: عثمان عثمان أخبرنا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه، قال: حدثنا يوسف بن عمر القواس، قال: حدثنا علي بن محمد بن سعيد الموصلي، قال: حدثنا عبد الله، يعني ابن محمد الخراساني، قال: حدثنا إبراهيم بن هانئ، قال: قلت لبشر بن الحارث: يا أبا نصر سمعت من مالك بن أنس؟ قال: نعم، حججت معه، وسمعت منه أخبرنا أبو منصور محمد بن علي بن إسحاق الخازن، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، قال: حدثنا أحمد بن بشر المرثدي، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، أنا سألته، قال: سمعت بشر بن الحارث، يقول: دخلت على حماد بن زيد، فرأيت في بيته بساطا ما أعجبني ما هكذا يكون العلماء أخبرنا أبو نعيم الحافظ، قال: حدثنا محمد بن عمر بن سلم، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد الخزاعي، قال: سمعت بشر بن الحارث، يقول: سمعت المعافى بن عمران، يقول: سمعت الثوري، يقول: رضا المتجني غاية لا تدرك، أخبرني أبو الحسن محمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا محمد بن الحسين السلمي، قال: سمعت أبا الحسين الحجاجي، يقول: سمعت المحاملي يقول: سمعت حسنا المسوحي، يقول: سمعت بشر بن الحارث، يقول: أتيت باب المعافى بن عمران، فدققت الباب، فقيل لي: من؟ فقلت: بشر الحافي، فقالت لي بنية من داخل الدار: لو اشتريت نعلا بدانقين ذهب عنك اسم الحافي أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل، قال: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق، قال: حدثنا أبو الحسين الحسن بن عمرو الشيعي المروزي، قال: سمعت بشرا، وجاءوا إليه أصحاب الحديث يوما، وأنا حاضر، فقال لهم بشر: ما هذا الذي أرى معكم قد اظهرتموه؟ قالوا: يا أبا نصر نطلب هذه العلوم لعل الله ينفع بها يوما، قال: علمتم أنه يجب عليكم فيها زكاة كما يجب على أحدكم إذا ملك مائتي درهم خمسة دراهم، فكذلك يجب على أحدكم إذا سمع مائتي حديث أن يعمل منها بخمسة أحاديث، والا فانظروا أيش يكون هذا عليكم غدا أخبرنا أبو الفرج محمد بن عمر بن يونس الجصاص، قال: حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن ابن الصواف، قال: حدثنا أحمد بن المغلس الحماني، قال: سمعت بشر بن الحارث، وقد أخذ بيد عبيد الوراق، وقد قال عبيد: حدثنا، فقال: يا عبيد احذر حدثنا، فإن لحدثنا حلاوة، وقد قلت: حدثنا، وكتب عنك فكان ماذا؟ أخبرني أبو القاسم الأزهري، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن علي بن النضر الديباجي، قال: حدثنا أبو عبيد الله أحمد بن عمرو بن عثمان المعدل بواسط، قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعد، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن علوان، قال: قلت لبشر بن الحارث: لم لا تحدث؟ قال: أنا أشتهي أحدث، وإذا اشتهيت شيئا تركته أخبرنا أبو علي الحسين بن يوسف بن محمد الإسكاف، قال: حدثنا محمد بن عبد الله إبراهيم الشافعي، قال: حدثنا إسحاق بن الحسن الحرمي، قال: سمعت بشر بن الحارث، يقول: ليس الحديث من عدة الموت، فقلت له: قد خرجت إلى أبي نعيم، فقال: أتوب إلى الله من ذهابي أخبرنا علي بن عمر بن محمد الحربي الزاهد، قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس الخزاز، قال: حدثني أبي العباس بن محمد بن حيويه، قال: ذكر لنا إبراهيم الحربي عن سليمان بن حرب، قال: مكثت دهرا أشتهي أن أرى بشر بن الحارث فلم يقدر لي أو كما قال، قال: فخرجت يوما من منزلي إلى المسجد، فإذا أنا برجل أو قال بشيخ كثير الشعر طويل الشارب عليه اطمار أحسبه، قال: مرقعة، معه جراب، وجهه إلى الحائط، فهو يدخل يده في الجراب، فيخرج منه كسرا فيأكل، فقلت له: أنت من الجند؟ قال: لا، قلت: فأنت من خراسان؟ قال: أنا آوي بغداد، قلت: فما جاء بك إلى هاهنا؟ قال: جئت إليك لأسمع منك حديثا حسنا في الموقف، قلت: الاسم، قال: وما تصنع باسمي؟ قلت: أشتهي أعرف اسمك، قال: أنا أبو نصر، قلت: الاسم أريد، قال: ليس أخبرك باسمي، وإن أخبرتك باسمي لم أسمع منك شيئا، قلت: أخبرني باسمك، فإن شئت فاسمع، وإن شئت فلا تسمع، قال: أنا بشر بن الحارث، قلت: الحمد لله الذي لم يمتني حتى رأيتك أو كما قال، قال: ووقفت عليه فجعلت أبكي ويبكي، ثم جلست بين يديه فتحدثنا ساعة، ثم قلت له: يا أبا نصر أردت أن تدخل بلدا أنا فيه فلا تنزل عندي، قال: ليس لي مقام، إنما كنت بعبادان، فقلت: يا أبا نصر كتبي كلها بين يديك، قال: السلام عليكم، وبكى وبكيت، ومضى أخبرنا علي بن محمد المعدل، قال: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق، قال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثني محمد بن إبراهيم، هو ابن هاشم، قال: حدثني أبي، قال: قال بشر: لو أن رجلا كان عندي في مثال سفيان ومعافى ثم جلس اليوم يحدث، ونصب نفسه لانتقص عندي نقصانا شديدا، قال بشر: إني وإن أدنيت الرجل وهو يحدث، فإنه عندي قبل أن يحدث أفضل كثيرا من كائن من الناس، وإنما الحديث اليوم طرف من طلب الدنيا ولذة، وما أدري كيف يسلم صاحبه، وكيف يسلم من يحفظه لأي شيء يحفظه، قال بشر: وإني لأدعو الله أن يذهب به من قلبي ويذهب بحفظه من قلبي، وإن لي كتبا كثيرة قد ذهبت، وأراها توطأ ويرمى بها، فما آخذها، وإني لأهم بدفنها وأنا حي صحيح، وما أكره ترك ذاك من خير عندي، وما هو من سلاح الآخرة، ولا من عدد الموت أخبرنا الحسن بن أبي بكر، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي، قال: حدثنا أحمد بن بشر المرثدي، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، قال: دفنا لبشر بن الحارث ثمانية عشر ما بين قمطر وقوصرة، يعني حديثا أخبرني أبو الفرج الطناجيري، قال: حدثنا أحمد بن منصور النوشري، قال: حدثنا محمد بن مخلد، قال: حدثنا أبو إبراهيم إسماعيل ابن السندي بن هارون الخلال، قال: سألت بشر بن الحارث عن حديث، فقال: اتق الله، فإن كنت تريده للدنيا، فلا ترده، وإن كنت تريده للآخرة فقد سمعت، قال أبو إبراهيم: الحديث الذي سألته عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، قال: " إن الملك ليصعد بعمل العبد معجبا به حتى يقف بين يدي الله، فيقول الله له: اجعلوه في سجين، فإنه لم يردني به " أخبرنا علي بن محمد المعدل، قال: أخبرنا عثمان بن أحمد، قال: حدثنا الحسن بن عمرو، قال: سمعت بشرا، يقول: ربما وقع في يدي الشيء أريد أن أخرجه، فلا يصح لي يعني من الحديث، وقال: ليس ينبغي لأحد أن يحدث حتى يصح له، فمن زعم أنه قد صحح، قلنا: أنت ضعيف، وقال: لا أعلم شيئا أفضل منه إذا أريد به الله، يعني طلب العلم أخبرنا الحسين بن علي الصيمري، قال: حدثنا علي بن الحسن الرازي، قال: حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني قال: حدثنا أحمد بن أبي خيثمة، قال: سمعت أبي، يقول، وذكر بشر بن الحارث: إن كان رجل تأدب بمذهب رجل، يعني سفيان الثوري، ففاقه، لقلت بشر لولا ما سبق لسفيان الثوري من السن والعلم أخبرنا إسماعيل بن أحمد الحيري، قال: أخبرنا محمد بن الحسين السلمي، قال: سمعت أبا محمد بن أبي حامد، يقول: سمعت العباس بن عبد الله بن أحمد بن عصام البغدادي، يقول: سمعت جعفر بن عبد الله البرداني، يقول: قال لي يحيى بن أكثم: قال لي المأمون: لم يبق أحد في هذه الكور يستحيي منه غير هذا الشيخ بشر بن الحارث أخبرنا علي بن أحمد بن عمر المقرئ، قال: أخبرنا إسماعيل بن علي الخطبي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: سمعت أبي ذكر بشر بن الحارث، فأراه قال: رأيته على باب ابن علية، أو رأيته ونحن منصرفون من عند ابن علية، وقال عبد الله سمعت أبي يقول، وذكر بشر بن الحارث، فقال: إني لأذكر به عامر بن عبد الله، يعني ابن عبد قيس، أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبان الهيتي، قال: حدثنا أحمد بن سلمان النجاد، قال: حدثنا الحسن بن علي بن شبيب، قال: سمعت أحمد بن محمد، يقول: سمعت يحيى بن أكثم، يقول: ما بلغنا عن عامر بن عبد قيس شيء إلا وفي بشر بن الحارث مثله أو أكثر منه، إلا أن يكون كان في قلب عامر شيء لم يكن في قلب بشر مثله أخبرنا عبد العزيز بن علي الوراق، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن الحسن الهمذاني، قال: حدثنا القاسم بن الحسن بن جرير، قال: حدثنا محمد بن أبي عتاب، عن محمد بن المثنى، قال: قلت لأحمد بن حنبل: ما تقول في هذا الرجل؟ فقال لي: أي الرجال؟ فقلت له: بشر، فقال لي: سألتني عن رابع سبعة من الأبدال، أو عامر بن عبد قيس، ما مثله عندي إلا مثل رجل ركز رمحا في الأرض، ثم قعد منه على السنان، فهل ترك لأحد موضعا يقعد فيه أخبرنا البرقاني، قال: أخبرنا محمد بن العباس، قال: حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الزهري، قال: حدثنا أبو العباس البراثي، قال: أخبرني المروذي، قال: لما قيل لأبي عبد الله أحمد بن حنبل مات بشر بن الحارث، قال: مات رحمه الله، وماله نظير في هذه الأمة، إلا عامر بن عبد قيس، فإن عامرا مات ولم يترك شيئا، وهذا قد مات ولم يترك شيئا، ثم قال: لو تزوج كان قد تم أمره أخبرني الأزهري، قال: أخبرنا عمر بن أحمد بن هارون المقرئ، أن أبا الحسن بن دليل، حدثه، قال: سمعت إبراهيم الحربي، يقول: قد رأيت رجالات الدنيا لم أر مثل ثلاثة رأيت أحمد بن حنبل، وتعجز النساء أن تلد مثله، ورأيت بشر بن الحارث من قرنه إلى قدمه مملوءا عقلا، ورأيت أبا عبيد القاسم بن سلام كأنه جبل نفخ فيه علم، قال عمر بن أحمد: إبراهيم رأى الثلاثة، ولم يحدث إلا عن أحمد أخبرنا الأزهري، قال: حدثنا عبيد الله بن إبراهيم القزاز، قال: حدثنا جعفر الخلدي، قال: حدثني أبو حامد أحمد بن خالد الحذاء، قال: سمعت إبراهيم الحربي، يقول: ما أخرجت بغداد أتم عقلا، ولا أحفظ للسانه من بشر بن الحارث، كان في كل شعرة منه عقل وطئ الناس عقبه خمسين سنة، ما عرف له غيبة لمسلم، لو قسم عقله على أهل بغداد صاروا عقلاء، وما نقص من عقله شيء أخبرنا الحسن بن أبي بكر، قال: حدثنا أبو علي عيسى بن محمد بن أحمد الطوماري، قال: سمعت إبراهيم الحربي، يقول: ما رأيت بعيني قط أفضل من بشر بن الحارث، وقد ذكر عنده أخبرنا عبد الكريم بن هوزان القشيري النيسابوري، قال: سمعت محمد بن الحسين السلمي، يقول: سمعت أبا الفضل العطار، يقول: سمعت أحمد بن علي الدمشقي، يقول: قال لي أبو عبد الله بن الجلاء: رأيت ذا النون، وكانت له العبارة، ورأيت سهلا وكانت له الإشارة، ورأيت بشر بن الحارث وكان له الورع، فقيل له: إلى من كنت تميل؟ فقال: بشر بن الحارث أستاذنا، هكذا قال في هذه الحكاية، وأحمد بن يحيى الجلاء لم ير بشرا، ولم يدركه، وإنما أبوه يحيى أدركه وصحبه، فالله أعلم أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المقرئ الحذاء، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن محمد بن سلم الختلي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الخالق، قال: حدثنا أبو بكر المروذي، قال: سمعت أبا عمران الوركاني، يقول: تخرق إزار بشر، فقالت له أخته: يا أخي قد تخرق إزارك، وهذا البرد، فلو جئت بقطن حتى أغزل، قال: فكان يجيء بالإستارين والثلاثة، قال: فقالت له: إن الغزل قد اجتمع، أفلا تسلم إزارك إن أردت السرعة، قال لها: هاتيه، قال: فأخرجته فوزنه وأخرج ألواحه، وجعل يحسب الأساتير، فلما رآها قد زادت فيه قال: كما أفسدتيه فخذيه، وقال المروذي: سمعت بعض القطانين، يقول: أهدي إلى أستاذ لي رطب، وكان بشر يقيل في دكاننا في الصيف، فقال له أستاذي: يا أبا نصر هذا من وجه طيب، فإن رأيت أن تأكله، قال: فجعل يمسه بيده، قال: ثم ضرب بيده إلى لحيته، وقال: ينبغي أن أستحيي من الله أني عند الناس تارك لهذا وآكله في السر أخبرنا أحمد بن عمر بن روح النهرواني، قال: أخبرنا طلحة بن أحمد بن الحسن الصوفي، قال: حدثنا محمد بن مخلد العطار، قال: حدثنا عبد الله بن منصور، قال: سمعت أبا حفص ابن أخت بشر بن الحارث، يقول: اشتهى بشر سفرجلة في علته، فقالت لي أمي: يا بني اطلب لي سفرجلة، قال: فجئت بها، قال: فأخذها فجعل يشمها، قال: ثم وضعها بين يديه، قال: فقالت أمي: يا أبا نصر كلها، قال: ما أطيب ريحها، قال: فما زال يشمها حتى مات وما ذاقها أخبرني محمد بن جعفر بن علان الوراق، قال: أخبرنا مخلد بن جعفر الدقاق، قال: حدثنا محمد بن جرير الطبري، قال: حدثني أحمد بن خالد الخلال، قال: سمعت بعض أصحابنا، يقول: قال بشر بن الحارث: ما أدع الفاكهة زهدا فيها، ولكني أكره أن أعطيها شهوتها أخبرنا الحسن بن أبي بكر، قال: حدثنا عيسى بن محمد الطوماري، قال: حدثنا أبو صفوان، يعني عبد الرحمن بن حرب السمسار، قال: سمعت محمد بن المثنى، يقول: قال لي عمر ابن أخت بشر بن الحارث دخل علينا بشر بن الحارث يوم أضحى، قال: فقالت له أمي: أحسب أن الكلاب قد شبعت من اللحم في هذا اليوم، قال: فخرج، فلما كان العصر جاءنا ومعه خرقة فيها رطل رحم، فقال لها: اطبخي هذا، قال: قالت: أيش أطبخه؟ قال: اطبخيه بماء وملح، قال: فطبخت نصفه بماء وملح، واشترت بحبة سلقا، وطبخت النصف الآخر به، قال: فلما كان المغرب جاء ومعه رغيف، وما رأيناه قط أكل عندنا شيئا، قال: فقال لها: أثردي هذا الرغيف في الماء والملح وهاتيه، قال: ففعلت وقدمته إليه، قال: فجعل يأكل الثريد ويدع اللحم، قال: فشالته، فلما كان من الغد جاءنا ومعه رغيف، قال: فقال لها: إن كان قد بقي من ذلك الماء والملح شيء فأثردي هذا الرغيف فيه وهاتيه، قالت: ما بقي من الماء والملح شيء، ولكن كنت قد اشتريت بحبة سلقا، وعملت باقي اللحم، وقد بقي منه شيء، فقال: ولا هذا أيضا لي فيه حاجة، قالت له: ولم؟ قال: لأن الماء والملح قلت لك: بقي شيء منه؟، فقلت: لا، وكذبت فيه، وهذا أفسدتيه بسلق لا أدري من أين هو، أخبرني الحسن بن أبي بكر، قال: أخبرني أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع، قال: حدثني أبي، قال: أخبرني عبد الله بن عبيد البغدادي، قال: كان بشر بن الحارث يخرج كل يوم من منزله فيغلق بابه، ويضع مفتاحه عند جار له بقال خشية أن يضيع منه، فكان يذهب إلى الجبان، فإذا جاء وقت المغرب جاء إلى البقال فسلم وأخذ المفتاح، فكان هذا دأبه، فكان البقال يحدث عنه، قال: فجاء يوما، وقد عملت باذنجانا بأصباغه، فنظر إليه فعلمت أنه قد اشتهاه، قال: فتبعته، فقلت له: بأبي أنت هذا الباذنجان تعمله بنية لي من غزل تغزله وأبيعه لها، فخذ منه ما شئت، قال: فقال: ارجع حفظك الله، قال: فرجعت ومضى ووقفت أنظر في قفاه، قال: فسمعته يقول: هيه افتضحت يخاطب نفسه: تشتهين الباذنجان بأصباغه، والله لا تذوقينه حتى تفارقي الدنيا، قال: ومضى أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن محمد بن جعفر العطار، قال: حدثنا أحمد بن سلمان الفقيه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن النضر، قال: حدثنا الحسن بن عفان، قال: سمعت بشر بن الحارث، يقول: إني لأشتهي شواء من أربعين سنة ما صفا درهمه، قال: أخبرنا الحسن بن الحسين بن العباس النعالي، قال: أخبرنا أحمد بن نصر الذارع، قال: سمعت أبا العباس أحمد بن محمد بن مسروق، يقول: سئل بشر بن الحارث عن القناعة، فقال: لو لم يكن في القناعة شيء إلا التمتع بعز الغناء لكان ذلك يجزئ، ثم أنشأ يقول:
أفادتني القناعة أي عز ولا عز أعز من القناعة
فخذ منها لنفسك رأس مال وصير بعدها التقوى بضاعة
تحز حالين تغنى عن بخيل وتسعد في الجنان بصبر ساعة
ثم قال: مروءة القناعة، أشرف من مروءة البذل والعطاء أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي، قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك، قال: حدثنا العباس بن يوسف الشكلي، قال: حدثني أبو عبد الله الأسدي، قال: قال لي بشر بن الحارث يوما:
قطع الليالي مع الأيام في خلق والنوم تحت رواق الهم والقلق
أحرى وأعذر لي من أن يقال غدا إني التمست الغنى من كف مختلق
قالوا رضيت بذا قلت القنوع غنى ليس الغنى كثرة الأموال والورق
رضيت بالله في عسري وفي يسري فلست أسلك إلا أوضح الطرق
أخبرنا أبو عمر الحسن بن عثمان الواعظ، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، قال: حدثنا العباس بن يوسف الشكلي، قال: حدثني علي بن خليد الدمشقي، قال: حدثني أحمد بن مسكين، قال: خرجت في طلب بشر بن الحارث من باب حرب، فإذا به جالس وحده، فأقبلت نحوه، فلما رآني مقبلا خط بيده على الجدار وولى فأتيت موضعه، فإذا هو قد خط بيده:
الحمد لله لا شريك له في صبحه دائما وفي غلسه
لم يبق لي مؤنس فيؤنسني إلا أنيس أخاف من أنسه
فاعتزل الناس يا أخي ولا تركن إلى من تخاف من دنسه
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن الصلت الأهوازي، قال: حدثنا محمد بن مخلد العطار، قال: حدثنا موسى، يعني ابن هارون الطوسي، قال: حدثنا محمد، هو ابن نعيم بن الهيصم، قال: سمعت بشرا، يقول:
ذهب الرجال المرتجى لفعالهم والمنكرون لكل أمر منكر
وبقيت في خلف يزين بعضهم بعضا ليدفع معور عن معور
أخبرني علي بن أحمد بن محمد بن داود الرزاز، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن زياد المقرئ، قال: حدثني محمد بن يحيى بدمشق، ويعرف بحامل كفنه، قال: سمعت أيوب العطار، يقول: انصرفت مع بشر بن الحارث يوم جمعة من مسجد الجامع، فمررنا في درب أبي الليث، وإذا صبيان يلعبون بالجوز، فلما رأوا بشرا، قالوا: بشر بشر، واستلبوا الجوز فمروا يحضرون، فوقف بشر، ثم قال لي: أي قلب يقوى على هذا؟ إن هذا لدرب لا مررت فيه حتى ألقى الله عَزَّ وَجَلَّ قال: وسمعت يوسف الجوهري، يقول: سمعت عباس بن عبد العظيم العنبري، قال: كنا عند أحمد بن حنبل، فذاكره إنسان بحديث رواه عيسى بن يونس، فقال أحمد: ما روى عيسى بن يونس هذا الحديث، ثم قال: أستغفر الله ما أدري إن صحت رواية عيسى بن يونس لهذا الحديث، فما يوجد عند بشر بن الحارث، قال عباس: فقلت أنا: ما أجد سبيلا إلى وصلة بشر إلا بهذا الحديث، فجئت فسلمت عليه وحكيت القصة، وما قال أحمد، قال: فجعل يقول: ألبسني العافية، ألبسني العافية، إن هذا لبلاء وفتنة يذكر حديث، فيقال: لا يصح إلا عند رجل، قال: أقول أنا في نفسي: كم بين الرجلين أخبرنا القاضي أبو محمد الحسن بن الحسين بن رامين الإستراباذي، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن أحمد الحميدي الشيرازي، قال: أخبرنا عمر بن الفياض، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الحربي، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا عبيد الله الوراق، قال: خرجت يوم جمعة مع بشر، يعني ابن الحارث إذ دخل المسجد، وعليه فرو يتقطع فرده العون، فذهبت لأكلمه فمنعني فجاء فجلس عند قبة الشعر، فقلت له: يا أبا نصر لم لم تدعني أكلمه؟ قال: اسكت، سمعت المعافى بن عمران يقول: سمعت سفيان الثوري يقول: لا يذوق العبد حلاوة الإيمان حتى يأتيه البلاء من كل مكان أخبرني عبد الله بن يحيى السكري، قال: حدثنا أبو علي محمد بن أحمد ابن الصواف، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبو حفص عمر ابن أخت بشر بن الحارث، قال: حدثتني أمي، قالت: جاء رجل إلى الباب فدقه، فأجابه بشر: من هذا؟ قال: أريد بشرا فخرج إليه، فقال له: حاجتك عافاك الله؟ فقال له: أنت بشر؟ فقال: نعم، حاجتك؟ فقال: إني رأيت رب العزة تعالى في المنام وهو يقول لي: اذهب إلى بشر، فقل له: يا بشر لو سجدت لي على الجمر ما أديت شكري فيما قد بثثت لك أو نشرت لك في الناس، فقال له: أنت رأيت هذا؟ فقال: نعم، رأيته ليلتين متوالية، فقال: لا تخبر به أحدا، ثم دخل وولى وجهه إلى القبلة، وجعل يبكي ويضطرب، ويقول: اللهم إن كنت شهرتني في الدنيا، ونوهت باسمي، ورفعتني فوق قدري على أن تفضحني في القيامة، الآن فعجل عقوبتي، وخذ مني بقدر ما يقوى عليه بدني أخبرنا أبو نعيم الحافظ، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، ومخلد بن جعفر، قالا: حدثنا أحمد بن محمد بن غزوان البراثي، قال: آخر ما سمعت من كلام بشر بن الحارث أرجف الناس بموته بباب الطاق في يوم مطير فجئت في المطر والطين حتى بلغت بابه، فإذا على بابه ثلاثة نفر شيخ منهم يقول: إنما جئنا نعودك يا أبا نصر، فقال لهم وهو يبكي: لا حاجة لي في عيادتكم، اذهبوا عني قد آذيتموني وهو يبكي، وقال: قال فضيل بن عياض: أشتهي أن أمرض بلا عواد أخبرنا علي بن أحمد بن عمر المقرئ، قال: أخبرنا إسماعيل بن علي الخطبي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: قلت لأبي يوم مات بشر بن الحارث: مات بشر، فقال: رحمه الله لقد كان في ذكره أنس أو فيه أنس، ثم لبس رداءه، وخرج وخرجت معه، فشهد جنازته، قال أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد: مات بشر سنة سبع وعشرين قبل المعتصم بستة أيام أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق، قال: أخبرنا أحمد بن إسحاق بن وهب البندار، قال: حدثنا علي بن أحمد بن النضر، قال: ومات بشر بن الحارث سنة سبع وعشرين أخبرنا محمد بن الحسين القطان، قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، قال: سنة سبع وعشرين ومائتين فيها مات بشر بن الحارث ببغداد في شهر ربيع الأول أخبرني الحسن بن أبي بكر، قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم الجوري في كتابه إلينا، قال: أخبرنا أحمد بن حمدان بن الخضر، قال: حدثنا أحمد بن يونس الضبي، قال: حدثني أبو حسان الزيادي، قال: سنة سبع وعشرين ومائتين فيها مات بشر بن الحارث الزاهد، ويكنى أبا نصر، عشية الأربعاء لعشر بقين من شهر ربيع الأول، وقد بلغ من السن خمسا وسبعين سنة، وحشر الناس لجنازته أخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطي، قال: حدثنا محمد بن يوسف، قال: حدثنا يعقوب الرقي، قال: حدثنا أبو الفتح محمد بن أحمد النحوي بالرملة، قال: سمعت الحسين بن أحمد بن صدقة الفرائضي، يقول: سمعت أحمد بن زهير، يقول: سمعت يحيى بن عبد الحميد الحماني، يقول: رأيت أبا نصر التمار، وعلي ابن المديني في جنازة بشر بن الحارث يصيحان في الجنازة: هذا والله شرف الدنيا قبل شرف الآخرة، وذلك أن بشر بن الحارث أخرجت جنازته بعد صلاة الصبح، ولم يحصل في القبر إلا في الليل، وكان نهارا صائفا، والنهار فيه طول، ولم يستقر في القبر إلى العتمة أخبرني الأزهري، قال: حدثنا أحمد بن منصور الوراق، قال: حدثنا محمد بن مخلد، قال: حدثني أبو حفص عمر بن سليمان المؤدب، قال: حدثني أبو حفص ابن أخت بشر بن الحارث، قال: كنت أسمع الجن تنوح على خالي في البيت الذي كان يكون فيه، غير مرة سمعت الجن تنوح عليه أخبرني الحسن بن أبي طالب، قال: حدثنا يوسف بن عمر القواس، قال: حدثنا أحمد بن الحسين بن الجنيد، قال: سمعت حجاج بن الشاعر، يقول لسليمان اللؤلؤي: رؤى بشر بن الحارث في النوم، فقيل له: ما فعل الله بك يا أبا نصر؟ قال: غفر لي، وقال: يا بشر ما عبدتني على قدر ما نوهت باسمك أخبرنا أبو حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدويي الحافظ، بنيسابور، قال: أخبرني محمد بن عبد الله بن شاذان بهراة، قال: سمعت حمزة بن محمد بن إبراهيم، يقول: سمعت الحسن بن مروان، يقول: رأيت بشر بن الحارث في المنام، فقلت: يا أبا نصر ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، وغفر لكل من تبع جنازتي، قال: قلت: ففيم العمل؟ قال: افتقد الكسرة أخبرني الحسن بن علي التميمي، قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد الواعظ، قال: حدثنا أبو شجاع المروذي أو غيره الشك من أبي حفص، قال: حدثنا القاسم بن منبه، قال: رأيت بشر بن الحارث في النوم، فقلت: ما فعل الله بك يا بشر؟ قال: قد غفر لي، وقال لي: يا بشر قد غفرت لك، ولكل من تبع جنازتك، فقلت: يا رب، ولكل من أحبني، قال: ولكل من أحبك إلى يوم القيامة