فأصدر فِيهَا وَأورد وبسق غُصْن ملكه بهَا وتأود وَأعْطى فأخجل الْغَيْث الهامع واستوفي سيبه الداني والشاسع وارتفع لَهُ قدر وتغخيم وانتصب لَهُ كرْسِي ملك عقيم فامتدت ذيول أوامره على غير تِلْكَ الْبِلَاد ولباه إِنْسَان السَّعَادَة بِلِسَان الأسعاد والسرفي كَمَال هَذِه الْمعَانِي واقتعاد الْكُرْسِيّ السُّلَيْمَانِي هُوَ الْكَرم الَّذِي لَا يوضع من الأناس إِلَّا فِي الْعُيُون {وَمن يُوقَ شح نَفسه فَأُولَئِك هم المفلحون}
وَفِي رجبها هَاجَتْ ريح بِلَا مطر فَرفعت العجاج وَكسرت الشّجر وفيهَا مَاتَ شيخ الْقرَاءَات السَّبع بِجَامِع صنعاء الْفَقِيه على الشريجي أَرَادَ الْحَج فطافت لَهُ الْمنية من كل فج وَكَانَ انْتِقَاله بمحروس حلي
وَفِي رمضانها توفّي الْفَقِيه الْعَارِف عبد الْهَادِي القويعي الْحَضْرَمِيّ الأَصْل الشَّافِعِي وَدفن بمقبرة بَاب الْيمن كَانَ متجردا عَن أَحْوَال الدُّنْيَا مائلا قلبه إِلَى الْعلم وَأَهله وَله كتب نَحْو سِتّمائَة مُجَلد صَارَت إِلَى القَاضِي الْحسن بن يحيى حَابِس بعد وَفَاته سوى ثلثهَا فقد جعله لفقراء الْمُسلمين بِصَنْعَاء تبَاع وَتصرف فيهم وَكَانَ لَهُ ولوع بِأَكْل القات وهصر أغصانه بأنامل اللَّذَّات ويعد ذَلِك عونا على مطلبه وَزِيَادَة فِي مكسبه وَمَا أحسن قَول بدر الدّين مُحَمَّد بن عَليّ بن الخواجا لطف الله الشِّيرَازِيّ الأَصْل الصَّنْعَانِيّ المنشاء والمولد
(إِنِّي إمرؤ لي فِي الرِّضَا مشرب ... أقطع فِيهِ جلّ أوقاتي)
(أقنع بالوصل إِذا جَاءَنِي ... وقهوة تبسط أوقاتي)
وَلَا تتيسر لَهُ التورية مَعَ تكْرَار لفظ أَوْقَات إِلَّا مَعَ إلتزام الإيطاء بِاعْتِبَار